الأربعاء, أغسطس 20, 2025
الرئيسيةمقالاتعمق المشهد ...

عمق المشهد بشكل يومي ..الميليشيا تفقد مكوناتها القبلية … صراع النفوذ الذي سيهلك آل دقلو بقلم:عصام حسن علي

تعيش مليشيا الجنجويد أسوأ حالاتها منذ إندلاع الحرب في السودان، إذ تتكشف يومًا بعد آخر الانقسامات الداخلية التي تعصف بمكوناتها القبلية، لتتحول من قوة متماسكة ظاهريًا إلى جسم متهالك مهدد بالتفكك في حقيقته .

وثائق صلح لم تُسكت البنادق

على مدى ثلاث سنوات، بذلت قيادة المليشيا جهودًا لاحتواء النزاعات بين مكوناتها عبر توقيع ما لا يقل عن (12) وثيقة صلح بين القبائل المتصارعة ، غير أن هذه الوثائق سرعان ما تهاوت أمام صراعات النفوذ والثأرات القبلية، لتظل الخلافات كامنة تحت السطح وتنفجر بين الحين والآخر، مما يؤكد أن قيادة آل دقلو لم تنجح في بناء مؤسسة عسكرية موحدة، بل إعتمدت على الولاءات القبلية الهشة.

تحالفات هشة وتوازنات مصطنعة

التطور الأخطر تجلّى في ظهور بوادر مواجهة بين قبيلتي السلامات والبني هلبة داخل صفوف الجنجويد. وتشير المعطيات إلى أن آل دقلو دفعوا بتجهيزات عسكرية كبيرة لقبيلة السلامات، في محاولة لاستخدامها كقوة موازنة ضد البني هلبة التي تُعد من أبرز القوى الميدانية وأكثرها تأثيرًا، وهو ما أثار حفيظة الأخيرة التي تنظر إلى هذه الخطوة باعتبارها استهدافًا مباشرًا لنفوذها داخل المليشيا، وتهديدًا لمكانتها أمام قبيلة الرزيقات.

تمرد القوني: كسر حاجز الصمت

في خضم هذه الأجواء المشحونة، خرج القائد الميداني القوني ليعلن تمرده على آل دقلو، مؤكدًا أن قرارَه جاء ردًا على ما وصفه بـ”الظلم والتهميش” الذي مارسته القيادة العليا ضد المقاتلين من أبناء القبائل الأخرى ، إعلان القوني فتح الباب أمام احتمالية انضمام قيادات ميدانية أخرى إلى مسار التمرد، خاصة بعد إدراكهم أن الحرب الدائرة تُدار لمصالح شخصية وضيقة، وليس لخدمة القضية التي تم خداعهم للانخراط فيها.

تداعيات سياسية وعسكرية

هذا الانهيار الداخلي يأتي في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للمليشيا، حيث تخوض معارك شرسة في دارفور والخرطوم وكردفان، بينما تواجه عزلة سياسية متنامية بعد إنكشاف جرائمها في المحافل الدولية ، الانقسامات الداخلية تضعف قدرتها على الصمود ميدانيًا، وتضع آل دقلو في مواجهة مباشرة مع واقع أنهم لم يعودوا يملكون السيطرة الكاملة حتى على مقاتليهم كما كان الحال عليه في بداية هذه الحرب .

نحو تفكك محتوم؟

المحللون يرون أن ما يحدث داخل الجنجويد ليس مجرد خلافات عابرة، بل هو بداية تفكك هيكلي قد يحوّلها إلى مجموعات قبلية متصارعة. فسياسة “فرّق تسد” التي اعتمدها آل دقلو لضمان بقائهم على قمة السلطة، ارتدت عليهم اليوم بشكل خطير، وأنتجت تمردًا من الداخل قد يكون أكثر خطورة من المعارك التي يخوضونها في الخارج.

الخلاصة

الصورة الراهنة تؤكد أن مليشيا الجنجويد تدخل مرحلة حرجة، حيث يلتقي الضغط العسكري من الجيش السوداني مع الانهيار الداخلي والصراعات القبلية، في مسار يبدو أنه يقود المليشيا نحو النهاية الحتمية. وما إعلان القوني تمرده سوى بداية لسلسلة تمردات قادمة ستكشف أن المشروع الذي بناه آل دقلو على الدماء والفتنة القبلية لم يكن سوى بناء هشّ على رمال متحركة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات