أن الإجتماع الذي عقد قبل يومين بين الحزب الاتحادي الأصل و التجمع الاتحادي يعد خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، إذا كان الهدف من الجانبين البحث عن مشتركات تقارب بين التيارين، لآن الحوار بين الأطرف لغة متقدمة في الوصول إلي الأهداف.. و كلما تواصل الحوار بين أطراف، و توسع لكي يشمل أطراف أخرى من ذات التياري الوسطي سوف يفتح بابا عريضا للإستنارة و الوعي السياسي، و في نفس الوقت يؤسس لآليات منتجة للثقافة الديمقراطية المفقودة في الساحة السياسية و خاصة التي تخص الكتلة الاتحادية…
أن مائدة الحوار بين التيارات يجب عليها أن تطرح فيها رؤية لكي يستمر الحوار بين كل الكتل الاتحادية المختلفة، و الموجودة في الساحة السياسية، دون أن يكون في أولوية أجندتها قضية “الوحدة الاتحادية” لآن العديد من القيادات المطروحة في الساحة، عندما يطرح عليها هذا العنوان ينفرهامن المشاركة في الحوار، أعتقادا منها أن الهدف من الوحدة أن يفقدها مواقعها السياسية، و استمرار الحوار إذا التزمت به مجموعات بعينها سوف تجد نفسها تواجه قضية ” الوحدة الاتحادية” في سياق البحث عن دور مهم للحركة الاتحادية في العملية السياسية.. و تتوارد بعدها الأسئلة بصورة متكررة دون أن تكون هناك حساسية بين الأطراف المختلفة..
أن الأجيال الجديدة التي لم تكن جزءا من حالة الاحتراب بين المجموعات المختلفة، هي نفسها لا تريد أن تخوض في تاريخ الصراع، و لكنها تترقب دورا للحزب مثل الأحزاب الأخرى. و لذلك يكون عندها استعدا كبيرا في طرح الأسئلة المحرجة على الكل.. مثالا ذلك :هل حالة الضعف التي تعتري الأحزاب السياسية و خاصة الحركة الاتحادية بجميع أطرافها ما هي أسبابها؟ و ما الذي فعلته القيادات القابضة لكي تخرج من دائرة الضعف لصناعة الحدث؟
معلوم أن تطور الأحزاب و و تحديثها و فاعليتها تتأتى من قدرة قياداتها في طرح الأفكار التي تساعد على النهوض، و في نفس الوقت أن تفتح الباب لقيادات جديدة من الأجيال الجديدة. لآن هؤلاء يكونوا محملين بكثير من الأفكارو الأراء المساعدة على الفعل. و في نفس الوقت تستفيد من الحوار في توسيع المواعين الديمقراطية داخل المؤسسة.. و لكن احتكارية القيادة و محاولة إغلاقها بعدم السماح لدخول أجيال جديدة بهدف نظرت البعض للسلطة، هي التي تجعل الحزب فاقد الأهلية في تطور نفسه و تفاعله مع الأخرين، و أيضا هو السبب جعل الحركة الاتحادية تفقد دورها القيادي في المجتمع…
أن الاجتماع بين الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل و التجمع الاتحادي، و إصدار بيان عن الاجتماع، يعد خطوة جيدة… و من خلال البيان يجد المرء الكثير من المشتركات بين الجانبين .. منها التأكيد على سيادة البلاد و رفض الوصاية الخارجية.. إدانة و استنكار قيام الميليشيا بإعلان حكومة في نيالا خارج سلطة البلاد.. التأكيد على السلام في البلاد.. إعلان الرفض الكامل للانقلابات العسكرية و استخدام القوة لتحقيق أهداف سياسية.. إعادة بناء المؤسستين العسكرية و الأمنية.. التنسيق الجهود الوطنية بين القوى السياسية المختلفة.. كيف يتم ذلك؟
و ينتقل البيان لمحطة مهمة جدا عندما يقول ( تنظيم عدد من الورش و اللقاءات السياسية العامة و المشاورات الحزبية الخاصة خلال عام 2025م في السودان و مصرتلخص مخرجاتها في صياغة مبادرات سياسية و حلول وطنية).. هذه من أهم النقاط بسبب أنها تنقل المساق من النظرية إلي الفعل.. و هي بتهدف دائما لتجويد الأداء و التدريب على أبتكار الأفعال و إدارة الحوارات بين الأطراف المختلفة.. و يقول البيان أيضا ( أتفق الطرفان على الشروع فورا في تكوين مجلس التنسيق الاتحادي و أقترحا خمسة أعضاء من كل حزب لصياغة البرنامج العام ) الفكرة جيدة أن يكون هناك تنسيقا بين الأطراف.. و لماذا لا يتوسع المجلس لكي يكون مجلسا موسعا للحركة الاتحادية أن تدير فيه حواراتها و تصوراتها و تستطيع الأحزاب أن تتبنى الأراء التي تتوافق معها.. و لا المجلس لا يؤثر على مواقع القيادات في الأحزاب، و ينتفى الخوف من فقد المواقع، و يصبح هناك كتلة حوارية قادرة على طرح الأسئلة مهما كان إحراجها لكي ينتقل الكل إلي مربعات جديدة تسمح بتفعيل كل ماكنيزمات الفعل التى أصابها بعض الخمول بسبب حالة الشتات في حزب “الوسط”…
أن البعض أختصر الفعل السياسي ببيانات تصدر من فترة إلي أخرى، و هي تبين حالة الضعف التي يعيشها حزب الحركة الوطنية للاستقلال، حيث فقدت الكتلة دورها الريادي بسبب حالة الضمور الفكري و الثقافي التي أصابتها.. و معلوم أن الحزب القادر على دفع الأفكار و المبادرات للساحة بهدف تحريكها لانجاز أهداف بعينها، هو الذي يستطيع أن يدير العملية السياسية، و ينقل الساحة السياسية من مربعات الركود إلي مربعات أكثر فاعلية.. أن الحرب الدائرة الأن في البلاد سوف تخرج منها قيادات جديدة سوف يكون دورها مؤثرا في المستقبل و هذه المسألة يجب أن تتحوط لها الحركة الاتحادية و يكون لها القدرة المطلوبة لمجاراتها في المستقبل..
في الختام أن أي نشاط تنسيقي بين الأطراف و تبادل الأراء و يخلق حوارا متواصلا سوف يخلق واقعا سياسيا جديدا، لأنه سوف يتجاوز حالة الركود بالفعل، و يستقطب عناصر جديدة في الساحة خاصة الأجيال الجديدة يكون عندها رؤى و أفكار تحدث نقلة نوعية في الساحة السياسية.. مع تأكيد أحترامي و تقديري لكل الذين بادروا بإرسال البيان الختامي إلي أن كان عبر الواتساب أو الماسنجر… نسأل الله التوفيق و السداد و حسن البصيرة….