أصدر رئيس مجلس السيادة قرارا بإقالة محافظ بنك السودان المركزي السيد برعي الصديق علي أحمد و عين السيدة أمنة ميرغني حسن التوم بديلا عنه، و ترجع الإقالة بسبب خلاف في أجتماع مجلس الوزراء بين محافظ البنك المركزي و السيد وزير المالية و الذي وقف إلي جانب الشركات العاملة في التنقيب عن الذهب.. و إذا كان شركة التعدي قد أعلنت أن صادر الذهب من يناير 2025 إلي سبتمبر 2025 بلغ 53 طن ذهب.. التي تقدر بسعر اليوم 7 مليار دولار..
إذا كان سبب الإقالة هو ما جرى داخل أجتماع مجلس الوزراء؛ تكون إقالة محافظ البنك المركزي جاءت بتوصية من رئيس الوزراء.. لكن الخلاف نفسه الذي تسرب من داخل الإجتماع، يطرح أسئلة عديدة يجب على المواطنين العلم بها، خاصة هناك شائعات كثيرة تضرب الأجواء السياسية بالفساد، إذا كان من قبل بعض المؤسسات أو من قبل أشخاص يستغلون وظائفهم، و في أجواء الحرب تكثر الشائعات، و تصب هذه مهمة الإعلام أن يوصل الحقائق للناس.. إذا ظلت قيادات الإعلام تنتظر الضوء الأخضر من الوزير لكي تقوم بمهمتها في تقديم المعلومات الصحيحة للشارع، سوف يظل السودان يعاني و لن يتعافى. لابد أن يتحرر الإعلام من القبضة السلطة للدولة و يصبح إعلام أقرب لمصالح المواطنين من أن يكون بوق للسلطة الحاكمة..
أن إقالة محافظ البنك المركزي، دون معرفة أسباب الإقالة تبين بأن هناك خلافا كبيرا بين الذين يديرون السياسة المالية في البلاد، و الذهب هو المعدن الذي كان وراء هذه الحرب “اللعينة” حيث كانت قد تسيطر على إنتاجه و تصديره شركات الميليشيا، و من عائد الذهب استطاعت أن تتوسع في عملية التجنيد.. و يظل الذهب هو محور الخلافات و الصراع بين الشركات و المؤسسات الحكومية.. و كان المتوقع بعد إقالة محافظ البنك أن يجري الإعلام مقابلة مع وزير المالية و أيضا مع الشخصية المقالة، و عدد من الاقتصاديين و رجال الأعمال، و مع شعبة مصدري الذهب، حتى يعلم الشعب السوداني الحقيقة واضحة كرابعة النهار.. وهذا دور الإعلام الحرالذي يستطيع أن يتصدى للشائعات،و لكن أن يصمت الإعلام و يكتفي بإذاعة الخبر، و ينتظر وزير الإعلام أن يوجهه في ادائه، تكون قيادات العمل الإعلامي غير قادرة على مغادرة الشمولية في إدارتها للسلطة و الدولة..
سوف نقف مع الجيش في معركة الكرامة حتى هزيمة الميليشيا، و طرد المرتزقة من البلاد، و كل من يحمل بندقية ضد الدولة، و معاقبة كل خائن كرس نفسه لخدمة التأمر.. و لكن لن نقبل أن تكون هناك سياسات معوجة، و غير واضحة، و لا فرض الرأي على الشعب، و لا تكريس السلطة في يد مجموعة بعينها.. أن الفساد انتشر في عهد الإنقاذ لعدة أسباب منها. المؤسسات التي أقامتها لكي تكون موازية للمؤسسات الحكومية، و تجنيب المال، و تعطيل المؤسسات العدلية و القوانين في محاربة الفساد، و أصبح المسؤول في الوزارة أو أية مؤسسة تابعة للحزب فوق القانون.. و رغم أن شعارات الإسلام التي كانت مرفوعة، لكن اسقطوا الطهرانية الدينية عنها، الإسلام ليس شعارات تقال و تردد عبر الهتاف انما هو سلوك و معاملات و قيم تمشي بين الناس.. لذلك جعلوا الأغلبية تذهب لكي تستنجد بالقبيلة و الإثنية و المناطقية.. و البعض لجأ لحمل السلاح ليس لتحقيق مطالب عادلة للمواطنيين، و لكن لكي تصبح البندقية فقط أداة رافعة للنخب في الوظائف القيادية في الدولة.. لابد من الإصلاح فالشعب السوداني 95% أصبحوا تحت خط الفقر.. و البلاد ليست فقيرة بل هي غنية بمواردها، و مشكلتها سوء الإدارات الحكومية التي عجزت أن تنهض بالبلاد، و تحقق السلام و الاستقرار السياسي و الاجتماعي و العيش الكريم للمواطن، و الآن إقالة محافظ البنك المركزي فتحت الطريق لتساؤلات عديدة تتعلق بالتشريع و القوانين.. ولا يمكن للسلطة التنفيذية ممثلة في مجلس السيادة و مجلس الوزراء دون أن يكون هناك مؤسسة تشريعية هي وحدها التي تصدر القوانين و تمارس العمل دون رقابة أو محاسبة؟
أن غياب دور الإعلام في التوعية و دحض الشائعات، يسأل عنه السيد وزير الإعلام و الثقافة، هل سيادته يريد مؤسسات إعلامية لا تعمل إلا بأخذ الإذن من سيادة الوزير، أو أن للوزير إستراتيجية إعلامية واضحة و معروفة، تمتلك حرية الرأي و أتخاذ القرارات التي تساعدها على أداء مهامها الداعمة للوطن و حق المواطن، و لا نتطلع إلي رقابات قبلية و بعدية تعيق حرية الرأي، نتطلع إلي إعلام حر قادر أن يؤدي مهامه بسلاسة و يسر دون تعقيدات إدارية.. أن الكل يتسأل الآن ما هي وجهة النظر الصحيحة أن يكون بنك السودان المركزي مسيطر على إرادات الذهب لكي يكون معلوم مبالغ الإيرادات، و معرفة حقوق المصدرين و حق الوطن.. أم تكون المسألة تحت رحمة الشركات.. و هل الشركات ملزمة أن تورد عوائد الصادر أم سوف تجنب و تكون ثروات البلاد ذهبت لحفنة قليلة من الناس.. هذه المسائل ضروري معرفتها و توضيحها للناس منعا لأي حتكارات أو عدم شفافية…
و هناك بيان قد صدر من شعبة مصدري الذهب، يقول البينا ( طالعتنا وسائل الإعلام بأن هناك مجموعة من الأفراد أدعت أنها تمثل لجنة صادر الذهب و اجتمعت بالسيد رئيس الوزراء و مجموعة من وزراء الاقتصاد بالدولة، و نحن كشعبة متخصصة بالأمر وفقا للقانون نقول بأي حق أكتسبت هذه المجموعة هذه الشرعية و وفقا لأي قانون حتى يجعلها تجتمع برئيس الوزراء دون أي سند قانوني تكوينها و لماذا الجهات الرسمية تتجاهل الشعبة الشرعية المنتخبة؟ ) كل هذه الأسئلة تحتاج إلي إجابات، لآن المسألة ليست سياسية تقوم على المراوقة، انما هي مسألة مرتبطة بالموارد الوطنية و المال العام، و لابد من الشفافية فيها، و الوضوح على صفحات الصحف، و أجهزة الإعلام الوطنية، حتى تصبح عرف كل من يخالف الرأي أو عنده وجهة نظر يجب إقالته… نسأل الله حسن البصيرة..