منذ ثمانين عاماً ولدت الأمم المتحدة كأداة لحفظ الأمن والسلم الدوليين، لكنها اليوم جسد منهك أقرب إلى (متحف شمع دولى) تمارس فيه الطقوس بلا أثر فعلى، وتحولت الاجتماعات التقارير إلى منصة لشجب والإدانة دون عقاب، هذا الأمر خلق موجة كبيرة من التشكيك فى جدوى الأمم المتحدة ومنظماتها في حفظ الأمن والسلم الدولي المتمثل في حفظ المدنيين، وتظل الحقيقة ثابتة أن ما حدث في الفاشر من انتهاكات مروعة وقتل على الهوية والعرق، المشهد فى الفاشر فاق حدود الخيال والتصور الإنساني.. أطفال صغار يضربون ويركلون على الأرض، ثم يطلق الرصاص على رءوسهم كأنهم أهداف فى لعبة إلكترونية مريضة.. أى شيطان قاد هؤلاء البشر إلى هذا الحد من الوحشية..؟ وما ذنب هؤلاء الصغار والنساء فى حرب لم يختاروها ولم يفهموا أسبابها… كل هذه الأفعال الوحشية لا تحتاج إلى منابر خطابية جديدة بقدر ما تحتاج إلى أفعال حقيقية، وأن العدالة الدولية لا تقاس بعدد الكلمات فى متحف الشمع فى نيويورك، بل بالقرارات التى تغير حياة الناس على الأرض.
- لقد بلغنا مرحلة غير مسبوقة من العبث المستمر من الإستخفاف اللامبالاة بأرواح الناس من جانب مليشيا آل دقلو الإرهابية، مرحلة لم يعد فيها لهذه المليشيا المجرمة أى التزام بحدود أو قوانين أو حتى اعتبارات إنسانية أو دينية، إن ما يجرى اليوم من إنتهاكات فى مناطق سيطرة هذه الميليشيا المجرمة تدمي القلب وما حدث في الفاشر من قتل للمدنيين يعد بكل المقاييس انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان حيث مورس القتل عليهم بصورة جماعية وهي لا شك إبادة مكتملة الأركان، نظير ما حدث من جرائم قتل يعتبر بكل تأكيد سابقة لم تشهدها مدينة الفاشر من قبل من واقع أجبار السكان على خرق كل الأعراف الدينية والاجتماعية المتعلقة بالموت، في ظل غياب أي حماية أو ممرات إنسانية لهم، هذا الإعتداء للآسف الشديد يمثل قمة الاستهتار بكل المواثيق الدولية، وضرباً صارخاً لكل الأعراف والقوانين الإنسانية، نحن أمام مشهد لا يمكن وصفه إلا بالمخجل والمؤلم، والمجتمع الدولي بكافة منظماتة التي تدعي حماية الإنسان تمارس الصمت المطبق حيال كل الاعتداءات المتكررة لهذه الميليشيا وهي لم تعد تكتفى بتشريد ونهب المواطن بل تجاوز ذلك إلى ممارسة القتل والتدمير الممنهج للمؤسسات والمنشآءات الخدمية، دون أن يجد أمامها قوة توقفها أو موقفاً حاسماً يردعها. والسؤال الذى يفرض نفسه هنا: إلى متى سيستمر هذا الصمت الدولي…؟؟؟ إلى متى سنظل نرى مقدرات السودان والمواطن تنهب وتهدر على مرأى ومسمع من الجميع…؟؟؟؟ وإلى متى سيبقى المجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة الحقوقية والإنسانية، فقد ظل على الدوام يرفع شعارات زائفة عن حقوق الإنسان، بينما يقف عاجزاً أو متواطئاً أمام أبشع صور جرائم الحرب في الفاشر ومعسكرات النازحين في زمزم وابو شوك وغيرها من المناطق التي دنستها هذه الميليشيا المجرمة..؟؟؟
- جرائم القتل في الفاشر تعد من أخطر الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في العالم. وفقاً لتقارير إعلامية وبيانات رسمية، فقد حيث مارست مليشيا آل دقلو الإرهابية القتل على اساس عرقي من قتل ممنهج واسع النطاق ضد المدنيين العزل في مدينة الفاشر، مما أسفر عن مقتل أكثر من ألفيين مواطن أعزل، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ.
 كما تم اختطاف عدداً من الكوادر الطبية في الفاشر، وطالبت بفدية مالية لإطلاق سراحهم، لا يعدو كل ذلك كونه حلقة جديدة فى مسلسل طويل من الانتهاكات وهي تدرك إنها لا تجد أي مساءلة من المجتمع الدولي إزاء هذا العمل الإرهابي وأن ردود الأفعال لا تتجاوز بيانات الشجب والاستنكار فقط، وأن الواقع الدولي وإزدواجية والمعايير فيه يوفر لهذه الميليشيا المجرمة بيئة آمنة لمواصلة عدوانها على المواطن والوطن، لكن…. الأمل ما زال قائماً، والأمل اليوم معقود القوات المسلحة الدرع الحصين والسيف لكل خائن وعدو متربص يريد أن يعبث بأمن واستقرار الوطن، ومن خلفهم يقف الشعب السوداني صفاً واحداً خلف جيشه وقيادته لدحر هذه الميليشيا حيث لم يعد هناك وقت للانتظار أو للتسويات الهشة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، المطلوب اليوم موقف سوداني موحد صريح وقوى خلف جيشه يعيد للوطن هيبته وكرامته، لنؤكد للعالم أجمع أن السودانين لا يمكن أن يظلوا صامتين إلى ما لا نهاية.

 
                                    