دنقلا / إعداد: نايلة علي محمد الخليفة
في لوحةٍ وطنيةٍ جسدت وحدة طلاب السودان وإيمانهم العميق برسالة الوطن، اختتمت بمدينة دنقلا فعاليات مسار المسرح الطلابي ضمن ملحمة الكرامة الطلابية التي ينظمها الصندوق القومي لرعاية الطلاب دعماً وإسناداً للقوات المسلحة تحت شعار “إعمار الوجدان لبناء السودان”.
الحدث الذي رعاه وزير التعليم العالي والبحث العلمي بروفيسور أحمد مضوي موسى، وشرفه والي الولاية الشمالية المكلف الفريق ركن عبد الرحمن عبد الحميد، وأشرف عليه الأمين العام للصندوق القومي د. أحمد حمزة الأمين، لم يكن مجرد فعالية طلابية فنية، بل محطة من محطات الوعي الوطني التي رسخت فكرة أن بناء السودان يبدأ من بناء الإنسان.
دور وطني يتجاوز السكن والخدمات
أكد ممثل والي الولاية، أمين عام الحكم المحلي حسن آدم حسن، أن الصندوق القومي لرعاية الطلاب تجاوز دوره التقليدي في إسكان الطلاب إلى دور وطني وثقافي يعيد تشكيل الوجدان السوداني عبر المناشط الهادفة. وأشاد بالعروض المسرحية التي قدمها الطلاب لما حملته من رسائل وطنية صادقة، معلناً تخصيص (٢٠٠٠ فدان) في كل محلية بالولاية لمشروعات إنتاجية خاصة بالطلاب، مشيراً إلى أن الشمالية تقف في الصف الوطني الأول دفاعاً عن السودان.
كما نقل رسالة واضحة من مواطني الولاية إلى القائد العام للقوات المسلحة مفادها أن “السودان لن يُؤتى من هذه الثغرة”.
د. أحمد حمزة: طلاب السودان جزء أصيل من معركة الكرامة
في كلمته أوضح الأمين العام للصندوق القومي لرعاية الطلاب د. أحمد حمزة الأمين أن الصندوق يؤدي دوراً وطنياً مكملاً لمهامه التربوية والاجتماعية، مؤكداً أن المرحلة المقبلة هي مرحلة الإعمار بعد الحرب. وأشار إلى اكتمال تأهيل الداخليات في ولايتي الجزيرة وسنار، معلناً التعبئة العامة والاستنفار داخل الصندوق دعماً للقوات المسلحة. وأضاف أن كل الطلاب المشاركين في معركة الكرامة معفيون من رسوم السكن ومكفولون حتى التخرج، مبيناً أن الصندوق اليوم يقف كتفاً بكتف مع القوات المسلحة في خندق الوطن، وأعلن حمزة عن التعبئة والإستنفار في الصندوق، مؤكداً جاهزية العاملين والطلاب للتبليغ لرئاسات الفرق العسكرية بالولاية، عضداً للقوات المسلحة حتى تحرير آخر شبر من الوطن.
التربية والمسرح.. شراكة في بناء الوعي الوطني
من جانبه ثمّن وزير التربية والتوجيه بالولاية الشمالية الأستاذ التجاني إبراهيم، رئيس اللجنة العليا لمسار المسرح الطلابي، جهود الصندوق القومي في دعم النشاط اللاصفي الذي يسهم في بناء الشخصية الوطنية وترسيخ قيم الانتماء. ودعا إلى تعزيز تعليم البنات بوصفهن صانعات الأجيال وحافظات القيم، مشيراً إلى أن المسرح يمثل وسيلة فاعلة في تعديل السلوك وتنمية الإبداع. ووجّه التحية للطلاب المشاركين من مختلف الولايات على ما قدموه من أعمال جسدت روح التضامن والوعي.
الملحمة في أرقام.. أكثر من ألف طالب شاركوا في المسارين
أوضح مدير الإدارة العامة للمناشط الطلابية محمد المصطفى هاشم أن ملحمة الكرامة الطلابية انطلقت من الشمالية في عام ٢٠٢٤م كصرخة وعي وطني، وبلغ عدد المشاركين فيها أكثر من (١٠٧٣ طالبًا) تنافسوا على مستوى الولايات في مساري المسرح الجماعي والمونودراما. وأكد أن ما جرى في دنقلا هو تتويج لجهود ما يقارب العام من العمل الطلابي المنظم الذي أفرز جيلاً جديداً يحمل راية الوطن بإيمان وثبات.
لجنة التحكيم: منافسة راقية وروح وطنية عالية
تولت لجنة التحكيم، برئاسة د. فيصل أحمد سعد، وعضوية كل من الأستاذة انتصار محمد عبد الله، والأستاذ محمد محمد نور، والأستاذة آمنة عبد الرحيم، مسؤولية تقييم العروض المسرحية وفق معايير دقيقة راعت جودة الأداء، وسلامة الفكرة، والرسالة الوطنية.
وأشادت اللجنة بالمستوى المتقدم الذي أظهره الطلاب في مختلف المسارات، مؤكدة أن أعمال هذا العام تميزت بجرأة الطرح وصدق الأداء، وعكست قدرة الأجيال الجديدة على توظيف الفن لخدمة قضايا الوطن.
وقد أعلنت اللجنة النتائج وسط أجواء تنافسية حماسية اتسمت بالشفافية والإنصاف، مقدمة توصياتها بضرورة استمرار هذا النوع من الأنشطة لما له من أثر عميق في تشكيل الوعي الوطني وصقل المواهب المسرحية.
طلاب الشمالية في مقدمة الصفوف
وأكد أمين الصندوق بالولاية الشمالية عبد الوهاب أحمد عبد الوهاب أن طلاب الولاية جزء أصيل من طلاب السودان الذين وقفوا دعماً للقوات المسلحة في معركة الكرامة، مشيراً إلى أن المهرجان يأتي تعزيزاً لقيم العزة والكرامة وبناء الوطن. وأضاف أن المسرح الطلابي أصبح منبراً لتوحيد الكلمة ونشر روح الوطنية والإبداع بين الشباب.
جوائز وتكريمات.. تتويج للإبداع الطلابي
شهد الختام توزيع الجوائز والكؤوس على الولايات الفائزة في المنافسات المسرحية، حيث أحرزت ولاية النيل الأزرق المركز الأول في المسرح الجماعي عن مسرحية “عين الحق”، ونالت كسلا المركز الثاني عن مسرحية “حبل واحد”، وجاءت البحر الأحمر في المركز الثالث عن “على أبواب القيادة”.
وفي مسار المونودراما، نالت الولاية الشمالية المركز الأول، تلتها النيل الأزرق ثانيًا، ونهر النيل ثالثًا.
كما فاز الطالب فاروق جمال من النيل الأزرق بجائزة أفضل ممثل، والطالبة عبلة عوض من الشمالية بجائزة أفضل ممثلة، بينما منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لمسرحية “رحلة نزوح” من ولاية القضارف.
وفي الختام تم تكريم والي الولاية الشمالية وعدد من الشخصيات الداعمة للحركة المسرحية، من بينهم رضوان عوض الأفندي ونقيب الدراميين محمد محمد نور، تقديراً لإسهاماتهم في دعم النشاط الثقافي والوطني بالولاية.
قوافل الإعمار.. من المسرح إلى ميادين البناء
دأب الصندوق القومي لرعاية الطلاب على أن تكون نهاية كل مسار من مسارات ملحمة الكرامة الطلابية بداية جديدة لعمل ميداني آخر ، حيث تتحرك قافلة إعمار إلى إحدى الولايات المتأثرة بالحرب ، بغرض تأهيل وصيانة داخليات الطلاب المتضررة ،
وتُعد هذه القوافل بجهود لجنة عليا تُشكَّل من حكومة الولاية التي تستضيف ختام المسار ، وتستنهض من خلالها هِمم الخيرين والمؤسسات الخاصة وأعيان المجتمع لدعم مبادرات الإعمار ،
وهذا ما جسّدته الولاية الشمالية في ختام مسار المسرح الطلابي ، إذ تسيير قافلة إعمار لولاية الجزيرة تستهدف الداخليات ذات الحوجة الفعلية بالتنسيق مع صندوق رعاية الطلاب بالجزيرة ، بمشاركة طلاب الولايات المتنافسة الذين تلقّوا تدريبًا في ورش المشروعات الإنتاجية ضمن فعاليات الملحمة ، تأكيدًا على أن رسالة الكرامة لا تنتهي على خشبة المسرح ، بل تمتد إلى ميادين العمل والبناء.
الختام.. حين يتلاقى الفن بالوطن
بهذا المشهد الذي جمع الإبداع بالعقيدة الوطنية، أسدل الصندوق القومي لرعاية الطلاب الستار على واحدة من أهم فعاليات ملحمة الكرامة الطلابية، حيث غدت دنقلا منارة تشع بالرسالة التي حملها الشعار: “إعمار الوجدان لبناء السودان”، فالإعمار لا يبدأ من الطوب والحجر، بل من الإنسان الذي يؤمن بوطنه ويغني له من على خشبة المسرح.
