محمد صلاح ابورنات
جاءت مشاركة السودان في منتدى باكو للأمن بوفد يقوده مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل لتشكل محطة مهمة في معركة الخرطوم السياسية والدبلوماسية حيث يسعى السودان إلى تحويل معركته الداخلية ضد مليشيا الدعم السريع إلى قضية دولية تمس الأمن والاستقرار في الإقليم والعالم.
في كلمته أوضح الفريق مفضل أن خطر المليشيا يتجاوز حدود السودان فهي تستند إلى دعم خارجي وتستجلب مرتزقة من الإقليم وخارجه وترتكب انتهاكات فادحة شملت اقتحام السجون وإطلاق سراح عناصر مرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة. هذه الرسالة أراد السودان أن يبعث بها إلى المشاركين أن الحرب ليست نزاعا داخليا فحسب بل تهديدا إقليميا ودوليا بالغ الخطورة.
الدعوة العلنية التي أطلقها مفضل لتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية تمثل خطوة تصعيدية على المستوى الدبلوماسي تعكس رغبة السودان في خلق إجماع دولي ضد المليشيا وتجفيف مواردها المالية والسياسية. كما أنها محاولة لفرض مقاربة جديدة على المجتمع الدولي في التعاطي مع الأزمة السودانية بعيدا عن معادلة الأطراف المتحاربة التي ساوت بين الجيش الوطني والمليشيا.
من خلال المنتدى سعى السودان لتسليط الضوء على أن استمرار نشاط المليشيات يعني مزيدا من تغذية الإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات وتفاقم موجات الهجرة غير الشرعية وهي قضايا تشغل الدول الأوروبية والآسيوية على حد سواء. بهذا الخطاب يحاول السودان أن يربط أمنه الداخلي بأمن العالم الأمر الذي قد يسهم في استقطاب دعم أكبر لقضيته.
انعقاد المنتدى في باكو وبمشاركة واسعة من رؤساء أجهزة المخابرات وخبراء الأمن والاستراتيجية أتاح للوفد السوداني فرصة مباشرة للتواصل مع صناع القرار الأمني في العالم. وهذا لا يمثل فقط مكسبا في تبادل المعلومات والخبرات بل أيضا في كسب التأييد السياسي لموقف السودان الرسمي.
تأتي هذه المشاركة في توقيت حساس إذ يسعى السودان لإعادة صياغة صورته أمام المجتمع الدولي ليس كدولة غارقة في الفوضى بل كدولة تواجه عدوانا من مليشيا خارجة عن القانون مدعومة من الخارج تهدد السلم الإقليمي والدولي هذا التحول في الخطاب الدبلوماسي قد يساعد الخرطوم على كسب حلفاء جدد ودعم مادي وتقني يعزز من صمودها في حرب الكرامة