الجمعة, سبتمبر 26, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة... ...

زاوية خاصة… نايلة علي محمد الخليفة ميثاق السودان الجديد… قراءة في خطاب كامل إدريس

في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بدا رئيس الوزراء د.كامل إدريس وكأنه يكتب ميثاقاً جديداً للسودان ، خطاب اتسم بالقوة والوضوح وحمل رسائل صريحة للمجتمع الدولي وأوضح للداخل السوداني ، فقد أعلن بصرامة سيادتنا وسلامة أراضينا خطوط حمراء ولن نستسلم وكرر وعده بعد الإستسلام ، وهي عبارة موجهة لشعب أنهكته الحرب والانتهاكات أكثر مما هي موجهة للعالم .

وفي زاوية ثانية رفع إدريس صوته مُحملاً الأسرة الدولية ، مسؤولية استمرار الجرائم عندما أكد أن الصمت يعد تشجيعاً وضوءاً أخضر لمواصلة المليشيات لانتهاكاتها ، وأفرد مساحة مؤلمة للبعد الإنساني حين تحدث عن حصار الفاشر ، وعن النساء والأطفال والشيوخ الذين يموتون جوعاً بينما العالم يتفرج ، واضعاً المجتمع الدولي أمام امتحان أخلاقي ، وربطه مباشرة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن .

في جانب آخر قدم رؤية متكاملة للسلام المستدام ، تقوم على وقف فوري لإطلاق النار وانسحاب المليشيات ، وتقوية المؤسسات الوطنية ، وإشراك القوى السياسية السودانية في الحل ، بعيداً عن التدخلات الخارجية والصفقات المتسرعة ، مؤكداً أن السودان لن يكون رهيناً للحلول المفروضة من الخارج.

لم يغفل إدريس البعد الإقليمي والدولي ، فجدد موقف السودان المبدئي من القضية الفلسطينية ، باعتبارها مفتاحاً للاستقرار وأدان الهجوم الإسرائيلي على قطر ، بوصفه تهديداً للأمن الدولي ، ليعكس بذلك رغبة واضحة في إعادة تموضع السودان كدولة ذات موقف أخلاقي وسياسي ، تجاه القضايا الكبرى ، ومع ذلك فإن الخطاب على قوته يبقى بداية لا نهاية ، فالمجتمع الدولي قد يسمع لكنه لا يتحرك إلا وفق مصالحه ، والشعب السوداني الذي صفق للخطاب ينتظر أن تتحول الكلمات إلى أفعال ملموسة على الأرض ، والرهان الأكبر يظل على قدرة الحكومة في توحيد الجبهة الداخلية وبناء الثقة بين القيادة والشعب ، حتى يكون الصوت السوداني في الخارج امتداداً لقوة الموقف في الداخل.

المعركة الحقيقية لحماية السيادة وصون الإنسان السوداني لا تُحسم بالكلمات وحدها وإنما بالفعل الوطني والإرادة الصلبة…لنا عودة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات