الثلاثاء, أغسطس 19, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة ...

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة الاحتلال يقتل… والخذلان العربي يدفن

عندما وجدت إسرائيل الطريق سالكًا ، والسماء بلا غيوم سياسية تعيق طيرانها ، اجتاحت غزة وأسقطت الحمم فوق رؤوس أهلها ، من لم تحرقه النيران قتلته يد الحصار ، ومن نجا من الموتتين قتله القهر والخذلان ، لا سيما حين رأى أن العرب والمسلمين ، الذين يفترض أنهم سندٌ وظهرٌ له ، قد غابوا عن المشهد إلا من بيانات باهتة لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

لقد فهمت إسرائيل الدرس باكراً العرب اليوم ليسوا عرب الأمس ، ليس فيهم صلاح الدين ، الروح التي كانت تنهض دفاعاً عن القدس والأقصى تلاشت تحت ركام الصراعات الداخلية ، والحروب البينية، والمصالح الضيقة التي جعلت من كلمة “فلسطين” عبئاً سياسياً بدل أن تكون شرفًا يُتَمسك به ، وحين تأكدت اسرائيل من ذلك ، أصبح دم الفلسطيني يُهدر كما تُهدر دماء الأغنام في المسالخ ، بلا خشية من إدانات أو عقوبات أو حتى احتجاجات جادة.

الاختراق الأمريكي الإسرائيلي لم يكن عسكرياً فقط ، بل كان أعمق من ذلك ، لقد اخترقوا الوعي ، وأعادوا تشكيل أولويات الحكومات والشعوب على السواء ، صار التطبيع مع الكيان الصهيوني بوابة للرضا الأمريكي ، وصار الصمت أو الحياد “حكمة” في نظر البعض ، في حين أنه تواطؤ مفضوح في نظر التاريخ ، وشراكة في الجريمة مكتملة الأركان ، فالإحتلال يقتل الفلسطنيين بدم بارد ، والعرب بخيانتهم يتولون عنهم عنهم مشقة الدفن بالخذلان.

لقد تم تدجين المواقف الرسمية ، حتى فقدت بعض العواصم العربية القدرة على النطق بكلمة واحدة تزعج الصلف اليهودي ، بل إن بعضها بات يتبنى خطاب الاحتلال بحجة الواقعية السياسية والسلام الإقليمي ، أما الشعوب ، فقد أُغرقت في هموم المعيشة ، وأُشغلت بصراعات مفتعلة ، حتى صار الدفاع عن فلسطين في نظر البعض ترفًا فكرياً ، أو قضية غير عاجلة.

إن التاريخ لا يرحم ، ومن يظن أن السكوت اليوم سيحميه من الغضب غداً فهو واهم ، فالقضية الفلسطينية ليست شأناً فلسطينيًا صرفاً ، بل هي مرآة لكرامة الأمة كلها ، والعدو الذي يغتصب أرض فلسطين اليوم ، لن يتورع عن التمدد حيثما يشاء إذا وجد الصمت ذاته.

الخلاصة أن ما جرى ويجري ليس مجرد تخاذل ، بل هو نتيجة اختراق مزدوج أفرغ المواقف من مضمونها ، وحوّل العروبة والإسلام من قوة قادرة على الردع إلى حالة من العجز المزمن ، ووسط هذا الخراب ، يبقى الفلسطيني وحده في الميدان ، يقاتل بالسلاح تارة ، وبالحجارة تارة ، وبالجوع تارة أخرى… بينما العرب والمسلمون، إلا من رحم ربي ، يكتفون بالمشاهدة…لنا عودة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات