في خطوة تكشف نوايا سياسية خبيثة أكثر مما تعبّر عن حسابات اقتصادية، أقدم نظام أبوظبي على إغلاق موانئه في وجه الصادرات والواردات السودانية، في محاولة للضغط على الخرطوم وإضعاف إرادتها الوطنية. غير أن الحقائق على الأرض تقول إن هذه المغامرة ستفشل، وأن ارتدادها سيكون على الاقتصاد الإماراتي قبل غيره.
الإمارات كانت تستقبل نحو 50% من صادرات السودان، وفي مقدمتها الذهب، فيما لم تتعدَّ واردات السودان منها 20%، معظمها سلع كمالية غير أساسية. ومع قرار الإغلاق، فإن الذهب السوداني سيجد طريقه سريعًا إلى أسواق أوسع وأكثر تنوعًا، على رأسها البورصة التركية، إضافة إلى الصين، والمملكة العربية السعودية، ومصر، وعُمان، وغيرها من الدول التي لا تضع سيادتها الوطنية رهينة لإملاءات خارجية.
تراجع هذه الكميات الضخمة من الذهب عن السوق الإماراتي سيؤدي إلى انخفاض الطلب على الدرهم، وهو ما سيضعف من قوته في الأسواق العالمية. بذلك، يكون نظام أبوظبي قد وجّه ضربة لاقتصاده بنفسه، في محاولة لمعاقبة السودان، لكنها لن تجدي.
الرد السوداني يجب أن يكون بحجم التحدي: الإسراع في إنشاء موانئ جديدة على البحر الأحمر، وتطوير الموانئ القائمة لتصبح منافذ سيادية قادرة على ربط السودان مباشرة بالأسواق العالمية، دون الحاجة للمرور عبر بوابات سياسية متقلبة.
إن محاولة حصار السودان عبر الموانئ لن تكسر إرادة شعبه، بل ستكشف أن من يراهن على خنق الشعوب اقتصاديًا إنما يعلن عجزه السياسي، ويزرع بذور خسارته المستقبلية.