وجد الدكتور “كامل إدريس”، عقب صدور قرار التعيين، وحتى قبل أدآئه القسم وإستلام مهامه،تأييدا كبيرا من قطاعات واسعة من الشعب السوداني بمختلف التوجهات والإنتماءات.
لكنه وحتى هذه اللحظة،لم يكن كما ظن المواطن به،والذي علق عليه آمالا عراض،خيب الرجل التوقعات وبقدر كبير أدخل الكثيرين فى حالة إحباط،كونه لم يهتم بالعامل الأساس للتطور والحداثة وتجاوز الأخطاء،وهو الزمن والعمل وفقا لمبدأ الإيقاع السريع.
ملفات عاجلة،تمس المواطن المنكوب فى عصب حياته اليومية،لم يضع فيها “كامل إدريس” مشرطه كي يعالج الداء،أبرزها:
- الإرتفاع الجنوني والمخيف-والملعوب فيه من جهات مختلفة- للعملات الأجنبية،إرتفاع يقف على ساقي الجشع والطمع، ويقف على عتبة “محمية”تهدف للتلاعب بعجلة الإقتصاد،كي يكون المواطن أدآة ضغط “سمجة”لتمرير أجندة ليست بغائبة عن كل ذي بصر وبصيرة.
حتي كتابة هذه السطور، لم نمسع أو نشاهد تدخلا حاسما لرئيس الوزراء،أو لرئيس مجلس السيادة أو لمحافظ بنك السودان أو لجهاز المخابرات،فيما يخص قضية العملات الأجنبية،التى يتم التعامل معها وفقا لأرقام ثابتة ومعروفة لسنوات،ولاتزيد إلا فى حدود المعقول،والأمثلة كثيرة لدول من حولنا.
ماالذي يجعل السيد رئيس الوزراء يقف موقف المتفرج، -هو وكل طاقمه الإقتصادي- على هذا العبث الذي يعد تخريبا متعمدا للسوق السوداني على مسمع ومرأي الجميع؟!.هل الأمر لايعنيكم؟!.
ونسأل السيد رئيس الوزراء الموقر:هل الأولوية لمعالجة الأزمة الإقتصادية برمتها، والتي طحنت المواطن “المنكوب” و”المسحوق” والممتلئ بويلات الفشل المتلاحق للمسؤولين،أم الأولوية لديكم لعقد إجتماع عاجل أم آجل مع أحزاب سياسية،فشلت حتي تواري منها الفشل خجلا وإستحياءا،مما تفعل من “عوار” و”بوار” و”كساد” و”خمول” وسعي “مقيت” لكراسي السلطة؟!.
هل جئت -سيدى رئيس الوزراء-كي تخدم مواطن إكتوي ويكتوي من كل شئ خلال عامين،أم جئت كي تصدر التوجيهات وتهتم بإرضاء النخب السياسية التى تستحق أن يلقي بها مجتمعة فى سلة المهملات؟!. - الملف الثاني والذي لم يحرك فيه السيد رئيس الوزراء ساكنا،هو ملف الخدمة المدنية،التي ضربتها الفوضي الإدارية والمالية من كل الإتجاهات،ومن دون أدني حسيب أو رقيب،-والأمثلة والأدلة والشواهد هنا كثيرة-،وتدعو للإشمئزاز،بل وللتباكي “حسرة” و”أسف” و”ندامة”،من شدة ماحاق بالخدمة المدنية من “تردي” طال كل الجوانب،-حتي الخوف من سؤال الله يوم بعثه- غاب عن المسؤولين غيابا يدعو للشفقة والرثاء!!.
يبقي السؤال في هذا الملف:ماالذي يجعل أمين عام مجلس الوزراء “عثمان حسين”-الوزير المكلف بشأن مجلس الوزراء-أن يصدر قرارا بتخفيض “بدل الوجبة” للموظفين من (٩٠ )ألف جنية الى( ٣٠) ألف جنية؟!.
يأتي هذا ،فى الوقت الذي فيه يتم إهدار المال العام وبأرقام فلكية،فيما لاطائل منه،ماهي الأموال التى تم إنفاقها لإرضاء حركات دارفور وقواتها خلال فترة الحرب فقط؟.ماهي الأموال التى تم ويتم إنفاقها لإقامة المسؤولين بفنادق بورتسودان الآن؟كم هي الأموال الحكومية التى يتم إنفاقها الآن على إيجارات سكن المسؤولين ببورتسودان؟من الذي يسمح وسمح لبعض موظفي بعض المؤسسات الحكومية المتواجدة ببورتسودان،أن يصرفوا نثريات “مليارية” لإجتماعات عادية لم تتعد الأيام؟!!.
ومن الذي سمح بأن يحمل بعضهم جوازات دبلوماسية؟.
أمثلة “الفوضي الحكومية” هنا كثيرة،هل عجز السيد رئيس مجلس الوزراء وأمين عام مجلس الوزراء عن محاسبة اؤلئك؟،عجزتم عن معاقبة “مربط الفرس”،وقلتم من الأفضل أن نعاقب ونحاسب الموظف المغلوب على أمره،بأن يتم خصم “بدل وجبته” التى لاتثمن ولاتغني من جوع إن صرفها إجمالا!!!
لماذا لا يتم إيقاف سفر المسؤولين للخارج لحضور ندوة أو مؤتمر أو فعالية أكثر من عادية؟.
كم صرفت الحكومية على مؤتمر الخدمة المدنية الآخير،هل الأهم إيقاف الصرف الحكومي البذخي والإستعراضي،أم إيقاف أو تقليل “بند” يخص موظف الحكومة المتكئ على حائط مائل،لايقوي على الوقوف أمام مطر الفوضي والتغييب المتعمد للقانون؟!.
لماذا لايتم إيقاف شراء السيارات الفارهه للمسؤولين، التى يكون ثمنها كافيا لسداد مستحقات الكثير من العاملين بالدولة، كي يسدوا بها رمق “جوعهم”ليس إلا!! الكثير جدا من العاملين بالدولة، لايجدون مايأكلونه أو يلبسونه أو يشربونه أو يتعالجون به،وعلى الرغم من ذلك يتم تخفيض “بدل الوجبه” له وفى هذا الظرف الحرج ،البالغ التعقيد ،فقط لأنه (الحيطة القصيرة!!).
أما مخصصات المسؤولين “الفاشلين”-الذين جعلوا الفشل فى حيرة من أمره- من (سيارات وبدل لبس وبدل علاج ومصاريف مدارس وسلفيات شراء سيارة وسلفيات شراء قطعة أرض وسلفيات بناء وفاتورة الهاتف السيار وفاتورة إقامة فى “فنادق بورتسودان” وأثاث مكتبي فخم ونثريات سفر وتذاكر طيران)هذه لا يتم إيقافها،بل تصرف كاملة!!!.
دعك من عدم الحياء،هل خلا رئيس الوزراء وأمين عام مجلس الوزراء، من كل المشاعر الإنسانية النبيلة،التي تراعي ظروف العاملين بالدولة فى هذا الوضع المعقد،أليس من بينكم رجل رشيد؟!.
قيادة السودان التنفيذية لم تضع على بطنها ولو حجرا واحدا،تأسيا بنهج النبي علية أفضل الصلاة وأتم التسليم حين حصار شعب ابي طالب،بل شبعت حد التخمة،ثم طالبت موظفيها المنكوبين أن يضعوا حجرين على بطونهم،(أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلاتعقلون).
فقط إعملوا أن الدعوات “الماجدات”،”الصادقات”، “الماحقات”ستلاحقكم والله صباحا ومساءا،ستلاحقكم أينما حللتم،لأن الظلم ظلمات(ياعبادي إني حرمت الظلم عليكم،فلا تظالموا)،(ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون،إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار).
العاملون بالدولة يئنون من شدة “البؤس” و”الشقاء” و”الرهق”و”العنت”الذي ضربهم نتيجة ظرف لايد لهم فيه،بينما المسؤول فى وادي غير ذي زرع.
السيد رئيس مجلس الوزراء الموقر:وعلى سبيل المثال فقط،أطلب من مدير مكتبك،أن يأتيك بكشف المرتبات الخاص بموظفي الأمانة العامة للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية،وستري ضعفا غريبا وعجيبا ومؤلما وموجعا فى أرقام المرتبات، التى لاتكفي حتي لوجبة “فول” فقط لمدة شهر واحد،دعك عن خصم بدل الوجبة!!.(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). - لم نتحدث عن الملف المتعلق بتكوين “حكومة الأمل المزعومة” التي وعد بها رئيس الوزراء،لان (الجواب يكفيك عنوانه)!!(والخريف بظهر من رشتو)!!،كم كبير من الفشل المتوارث جيل عن جيل،وتراكم للإنانية وحب الذات والسعي خلف السلطة والثروة وصولجانها،وإبتزاز لم نجد له مثيل من حركات دارفور وغيرها،هذا كله فى الوقت الذي يعاني فيه المواطن المنكوب،من ويلات إقتصاد متهالك،وفساد مستشري تحدث عنه رئيس مجلس السيادة ونائبه،فضلا عن معاناته من التضخم وإرتفاع الأسعار وإرتفاع العملات الأجنبية،فى مشهد يحكي “شدة البؤس””وإنعدام النخوة”و”خلو القلوب من معاني الرحمة والتعاضدد”، لمن يقود هذه البلاد الآن،ويحكى إلى جانب ذلك أيضا كيف أن “بني السودان” أضحوا يستنزفون بعضهم البعض، ويضربون بعضهم البعض فى الظهر،بغية تحقيق مآرب شخصية ومالية ضيقة.
إستبشر الناس خيرا بأن يكون السيد رئيس الوزراء إلى جانب المواطن وقضاياه المتعلقه “بالخدمة المدنية والإقتصاد والسوق والكهرباء والمياة والصحة والتعليم والطرق”،لكنه إختار أن يكون إلى جانب أحزاب سياسية لاهم لها غير مكاسبها الشخصية،وإختار إرضاءا لمحاور مجلس السيادة والخارج على حساب الوطن ومواطنه،وسنعود لذلك فى حينه بفضل من الله وأذنه.
أذكر السيد رئيس مجلس الوزراء ،بقول الله تبارك وتعالي فى آواخر سورة “الحجر”:(فوربك لنسألنهم أجمعين””عما كانوا يعملون).