لم يعد المشهد خافياً على أحد فالمليشيا التي ملأت الدنيا صخباً وضجيجاً بالأمس وتوهمت أن المال والمرتزقة عصا سحرية، باتت اليوم في انحسار متواصل وهزائم متلاحقة ، تتكسر موجاتها على صخرة صلابة القوات المسلحة، وتتهاوى دعايتها المضللة كما يتهاوى سراب الظمآن عند أول وهلة من الحقيقة.
لقد دانت ميادين النزال للجيش قاطبة إلا القليل ، وصار صوت البندقية الوطنية أصدق تعبير عن نبض الشعب وإرادته، بينما دبّ الخلاف بين قبائل ومكونات المليشيا الإرهابية هنا وهناك ، وتعالى النحيب بين صفوفها بعد أن خابت رهاناتهم على وهمٍ لا يسمن ولا يغني من جوع.
في مثل هذه اللحظة الفارقة من تأريخنا النضالي لا يكفي أن نكتفي برصد الانتصارات أو إحصاء الهزائم فقط، بل لابد أن يتقدم الإعلام الوطني الصادق الصفوف ويأخذ حزبته مع الجند الأبطال، ليكون لسان حال النصر وروحه المبشرة. نحن بحاجة إلى إعلام يترجم التضحيات إلى وعي ويحوّل الحقائق إلى طاقة أمل وإشراق، ويكشف للعالم هشاشة المليشيا وحجمها الطبيعي وبالمقابل يبرز قوة الجيش وقدرته على الإمساك بناصية المعركة.
إنه وقت الكلمة الهادفة.. الكلمة التي تشد من أزر المقاتلين، وتبشّر الشعب بميلاد فجر جديد، وتفكك خطاب العدو الذي يحاول أن يغطي عورته بخيوطٍ من الأكاذيب. الإعلام اليوم ليس متفرجاً ولا متلقياً، بل هو مبادرٌ، خلاقٌ، صانعٌ للرأي العام وموجّهٌ للبوصلة الوطنية.
يا إعلاميي بلادي.. هذه نسائم السبق قد هبّت بين أيديكم، فاغتنموها قبل أن يفوت أوانها. اصنعوا خطاباً يليق بتضحيات الشهداء، وانحتوا بالكلمة الصادقة ما يعزز الثقة ويزرع اليقين في النفوس. فالمعركة لم تعد سلاحاً وحديداً، بل هي أيضاً كلمة ورسالة وصورة.. ومن امتلك الكلمة امتلك نصف النصر.