الأربعاء, يوليو 30, 2025
الرئيسيةمقالاتسيدي رئيس الوزراء أوقف إستيراد السلع غير الضرورية .. بقلم د.إسماعيل الحكيم..

سيدي رئيس الوزراء أوقف إستيراد السلع غير الضرورية .. بقلم د.إسماعيل الحكيم..


أصدر رئيس مجلس الوزراء المكلف، الدكتور كامل إدريس، قرارًا يقضي بخفض أسعار السلع الاستهلاكية، وهي خطوة تعكس انحيازًا واضحًا للمواطن السوداني المثقل بأعباء الحرب والانهيار الاقتصادي. ولا شك أن هذه الخطوة تحمل في طياتها رسالة سياسية واقتصادية مفادها أن الحكومة الانتقالية تعي تمامًا حجم التحديات المعيشية وتسعى لتهدئة جراح الناس عبر بوابة الأسواق. في خطوة وجدت ترحيبًا واسعًا بين الأوساط الشعبية .
ولكن، على الرغم من أهمية القرار ووقعه النفسي والاجتماعي، إلا أن المواجهة الحقيقية لجذور الأزمة الاقتصادية تتطلب ما هو أبعد من المسكنات المؤقتة وعمليات التخدير هذه . فخفض الأسعار دون معالجة أسباب ارتفاعها لن يكون كافيًا لبناء اقتصاد مستقر. لذلك كان الأجدر أن تواكب هذه الخطوة قرارات جريئة بمنع استيراد السلع غير الضرورية التي تستهلك موارد الدولة من العملة الصعبة وتضغط على سعر صرف الدولار.
إن السودان، في هذه المرحلة الحرجة، بحاجة إلى سياسات تقشفية محكمة تقوم على إستراتيجيات إقتصادية مواكبة ، ومحاسبة صارمة للمستوردين الذين يتلاعبون بمصلحة الشعب ويستنزفون الخزينة العامة عبر توريد الكماليات والسلع الثانوية التي لا تتناسب مع مرحلة ما بعد الحرب ولا تسمن ولا تغني من جوع ، حيث الأولوية يجب أن تكون للغذاء والدواء ومواد البناء.
كما أن الطريق الأقصر لخفض سعر الدولار لا يمر فقط عبر بوابة ضبط الأسواق، بل عبر تشجيع الصادرات الزراعية والمعدنية التي يزخر بها السودان، وفق ضوابط وإجراءات صارمة تضمن تدفق العائدات إلى الخزينة العامة ، لا إلى الجيوب الخاصة. وهو ما يتيح للحكومة الوفاء بالتزاماتها في مجالات الأمن الغذائي، التعليم، الصحة، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب من مقار وبنى تحتية.
إننا، إذ نبارك هذه الخطوة الأولى من قرارات الدكتور كامل إدريس، فإننا نعتبرها إشارة بداية لنهج إصلاحي ينبغي أن يتسع ليشمل رؤية متكاملة لإدارة الموارد، وترشيد الاستيراد، وزيادة الصادرات، ومحاربة الفساد الاقتصادي بمختلف مستوياته. فالشعب السوداني، الذي صبر كثيرًا، يستحق حكومة لا تكتفي بإعلان النوايا، بل تمضي في تنفيذها بشجاعة وشفافية. فإن المرحلة المقبلة هي مرحلة الإنتاج، لا الاستهلاك؛ ومرحلة البناء لا الاستنزاف. وعلى الدولة أن تحوّل آلام الحرب إلى قوة دافعة نحو التغيير الجذري، ليصبح الاقتصاد السوداني حرًا، مستقلاً، ومعبرًا عن طموحات السودانيين في العيش الكريم والتنمية المستدامة بحول الله وقوته ..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات