أثار بيان الرباعية ردود فعل كبيرة في الشارع السوداني، بين مؤيد له ورافض له، و كان متوقعا، أية بيان صادر من مجموعة دول يتناول قضية الحرب في السودان من قبل المجتمع الخارجي يكون له ردود فعل متباينة، وفقا لما أفرزته السياسة قبل الحرب من خلافات جوهرية في الشارع السياسي.. و الرباعية الأولى التي كانت تتكون من ” أمريكا و بريطانيا و السعودية و الأمارات” لها دورا كبيرا في إندلاع الحرب في السودان، لأنها لم تكن محايدة، بل كانت جزء من عملية الاستقطاب السياسي و ما تزال.. و بالتالي وجودها في أية مكون ساعي “قولا و فعلا” لوقف الحرب في السودان لا يبعدها عن مصالحها الذاتية، و التي جعلتها جزءا من عملية الاستقطاب السياسي التي كانت قبل الحرب، و هؤلاء لا تستطيعون أن يفكروا بعيدا عن مصالحهم..
ظل الجدل مستمرا حول قضية وقف الحرب، حيث أدى إلي تغيير طفيف في الرباعية، حيث دخلت مصر بدلا عن بريطانيا التي لم تكن بعيدة عن مسار الجدل.. و دخول مصر للرباعية الهدف منه هو محاولة لطمأنة الجانب الأخر في الصراع، و لكن غير متوقع أن يغير شيئا في الأجندة بحكم المصالح.. الرباعية لا تستطيع أن تقدم حلولا للحرب أو لقضية الحكم في السودان بعيدا عن مصالحها.. و هي دائما تحاول أن تتغير و تتلون وفقا لإفرازات الواقع، و ترفع شعارات في ظاهرها داعية لوقف الحرب و إغاثة المواطنين، و لكنها أعمال تصب في خدمة مصالحها، و هي تسعي لفرض أجندة تخدم الذين تعتقد أنهم سوف يعملون من أجل تحقيق تلك المصالح.. و تجدهم كلما تقدم الجيش و حقق أنتصارات في المعارك الدائرة، تبدأ تظهر بياناتهم… الغرض من تلك البيانات هي استجابة لمطالب الأمارات التي تتخوف من فرح الشعب السوداني الداعم للجيش، هذا الفرح له أثرا كبيرا في رفع الروح المعنوية عند المقاتلين، تجعلهم يستمروا في انتصاراتهم…
رغم كل المجتمع الدولي يعلم بالدعم الكبير الذي تقدمه الأمارات للميليشيا، و تحريكها لبعض السياسيين الذين يخدمون أجندتها، لكن يحاول المجتمع الدولي و الإقليمي التغافل عن ذلك دون أن يوقفه، أو الإشارة إليه، بسبب الدعم المالي الكبير الذي تقدمه الأمارات.. و ستظل الرباعية و غيرها من التكتلات التي لها مصالح في السودان أن تعمل جاهدة من أجل خدمة مصالحها.. و كشفت الحرب للسودانيين صدق مقولة رئيس وزراء بريطانيا في الحرب العالمية الثانية ” ( ليست هناك صداقات دائمة و لا عداوات دائمة هناك مصالح دائمة) فكل الدول تجري وراء مصالحها، إلا نحن في السودان لا ندري كيف نحافظ على ثرواتنا من أجل تحقيق معيشة كريمة لشعبنا..
أن دول الرباعية تعلم تماما أن انتصار الجيش على الميليشيا يعني تغييرا كاملا على المسرح السياسي في السودان، و التغيير الذي سوف يفرز قيادات جديدة، ليس لها أية ارتباطات خارجية، و لا يمكن توظيفها لخدمة مصالح خارجية، هو الذي تتخوف منه تلك الدول، لذلك تسعى أن يكون لها دورا في وقف الحرب حتى تعزز دور سدنتها مستقبلا خدمة لمصالحها.. هي الآن تقف متفرجة على معاناة شعب فلسطين في غزة قتلا و تجويعا و تشريدا، دون أن يكون لها دورا فاعلا.. السؤال هل شعب السودان مدرك أن دوره و موقفه بجانب جيشه هو الذي سوف يجهض كل تلك الأجندة الخرجية؟
الملاحظ في الحرب: كل ما تقدم الجيش في المعارك، و حقق انتصارات، يجعل الأمارات تلهث وراء الدول و خاصة أمريكا و بريطانيا و عدد من دول الإقليم لكي تصدر بيانا، أو أن تبدأ بتحرك الهدف منه هو أجهاض فرحة الشعب بتلك الانتصارات حتى لا يكون لها مردودا معنويا يعجل بالنصر النهائي، و الأمارات لا تريد أن تهزم في حرب السودان لأن هزيمتها سوف تتبعها ردود فعل في القارة الأفريقية تؤثر على كل مصالحها.. انتصار الجيش لا يقف في حدود تغيب الميليشيا عن الساحة السياسية و العسكرية، بل سيتبعه فضح لكل ممارسات الأمارات الضارة بالشعوب الأفريقية في القارة.. تستطيع الإمارات أن تحرك عددا من الدول بالدعم المالي الذي تقدمه لهم، و لكنها لا تستطيع أن تهزم إرادة شعب…
أن الحرب حقيقة قد فضحت كل الأجندة المخبأة في المنطقة، و كشفت للسودان ليس كل من يبتسم إليك و لحن خطابه بدعوات الأخاء و غيرها سوف يكون حريصا للدفاع عن مصالح شعب السودان.. فالشعب السوداني وحده هو الذي يدافع عن مصالحه، و هو وحده الذي يستطيع أن يجهض كل الأجندات التي تريد النيل من دولته.. أما قضية السياسة و السلطة في السودان.. الشعب السوداني وحده هو الذي يقرر فيها، و يختار من يحكمه.. لا الرباعية و لا غيرها تستطيع أن تفرض شروطا على الشعب السوداني، و بيان الرباعية الذي أصدرته ترضية للأمارات لا يخدم الشعب السوداني، و لا مصالح المواطن السوداني.. و سيظل الجيش و الشعب يقاتلون من أجل هزيمة الميليشيا، و سوف يستمر أصحاب الأجندات الخارجية يصدرون بياناتهم، و من ورائهم سدنتهم طالبى السلطة، و منتظرين أن ترفهم دول الخارج إلي السلطة.. و نسأل الله النصر و التوفيق للشعب والجيش، و نسأله سبحانه حسن البصيرة..