السبت, سبتمبر 27, 2025
الرئيسيةمقالاتالتنوع قوة لا ضعف: كيف نحول اختلافاتنا إلى رصيد وطني؟ ...

التنوع قوة لا ضعف: كيف نحول اختلافاتنا إلى رصيد وطني؟ بقلم: عبدالقادر عمر محمد عبدالرحمن

من أكبر الأخطاء التاريخية التي وقعنا فيها كسودانيين أننا تعاملنا مع التنوع الإثني والثقافي وكأنه لعنة، بينما هو في حقيقته ثروةٌ كبرى كان يمكن أن تجعل من السودان نموذجاً للتمازج والنهضة. لقد نظر بعضنا للاختلاف بوصفه تهديداً، فاشتعلت الحروب، وتعمقت الانقسامات، وانشغلنا بالهويات الضيقة حتى غابت عنا الهوية الجامعة.

لكن الحقيقة التي يجب أن نواجهها بجرأة هي أن التنوع قوة لا ضعف. فكل قبيلة، وكل ثقافة، وكل لغة في السودان تحمل معها خبرة تاريخية ومعرفة متوارثة وأساليب حياة يمكن أن تُغني التجربة الوطنية. لماذا نُقصي بعضنا؟ ولماذا نسمح لعدونا الحقيقي ـ التخلف والفساد ـ أن يوظف هذا التنوع ليزرع الفتن بدل أن نصنع به جسور الوحدة؟

إن تحويل هذا التنوع إلى رصيد وطني يبدأ من الاعتراف المتبادل. أن نرى في الآخر شريكاً لا خصماً، وأن ندرك أن العدالة في توزيع السلطة والثروة ليست منحة بل حق. بهذا فقط نستطيع بناء دولة يشعر فيها الجميع بالانتماء، فلا يُقصى أحد ولا يُهمَّش أحد.

ثم يأتي الدور الأعظم: الاستفادة من التنوع في التنمية. فالأرض الزراعية في القضارف، وخبرات الرعي في كردفان، وصناعات الشرق، وثقافات الشمال والوسط، جميعها عناصر تكامل وليست تناقضاً. لو أحسنا الإدارة، لصنعنا من هذا التنوع قوة اقتصادية تُدهش العالم.

إن معركتنا الحقيقية ليست مع القبيلة الأخرى، ولا مع الجهة الأخرى، بل مع كل عقلٍ متحجرٍ يرى في الاختلاف خطراً بدل أن يراه فرصة. دعونا نكسر هذه الدائرة المفرغة، ونبني سوداناً يحتفي بألوانه ولهجاته وثقافاته، ليكون تنوعنا هو مصدر قوتنا الكبرى.ز

فالتاريخ لا يرحم الأمم التي أهملت ثرواتها الحقيقية، والتنوع ـ أيها السودانيون ـ هو أثمن ما نملك بعد الإنسان نفسه.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات