الأربعاء, أغسطس 20, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة ...

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة وزارة المالية في انتظار التدخل… ” تينز ” تدمر جيوب المواطنين

شهد السودان في السنوات الأخيرة توسعاً ملحوظاً لشركات التسويق الهرمي ، ومن أبرزها ما يُعرف بشركة تينز العالمية ، الشركة للأسف ظلّت تعمل في السودان منذ سنوات دون رقابة فعّالة ، ومع الحرب توسّعت لتغطي مساحات شاسعة من البلاد ، مستغلة الفراغ الأمني والوعي المحدود لدى قطاعات واسعة من المواطنين ، بل ووصل الأمر إلى أن تتواصل مع قيادات تنفيذية توفر لها الغطاء من الملاحقة .

شركة تينز تقوم على النصب والاحتيال وتجميع أموال طائلة من المشتركين ، عبر رسوم اشتراك باهظة في الباقات الفضية والذهبية ، فقد بلغت العام الماضي 130 ألف جنيه للفضية و265 ألف جنيه للذهبية ، إضافة إلى رسوم تسجيل قدرها خمسة عشر ألف جنيه ، أما هذا العام فقد ارتفعت رسوم التسجيل إلى ستة وثلاثين ألف جنيه ، بينما تراوحت قيمة الاشتراك بين 800 ألف إلى مليار جنيه ، وفي المقابل لا ينال المشترك سوى كرتونة من المنتجات العشبية ، من بينها معجون أسنان يُروَّج له على أنه يعالج أمراضاً متعددة ، وهو ادعاء لا يستقيم منطقياً ، إذ لو كان المعجون قادراً على علاج أمراض الجهاز الهضمي والغدد لما احتاج الناس إلى الأطباء والعيادات .

الآلية التي تعتمدها الشركة تقوم على التسويق الهرمي ، حيث يُطلب من كل مشترك إحضار سبعة مشتركين آخرين ، وتستمر السلسلة بشكل مضاعف ، كل فرد من السبعة يأتي بسبعة وهكذا بنفس رسوم الإشتراك والتسجيل ، المستفيد الأول والأخير هو الشركة نفسها ، بينما من يُسمون “ليدرات” يُسوّقون للمنتجات وللفكرة ، مستغلين قصص نجاح وهمية مثل سيارات فاخرة أو رحلات سياحية ، لإقناع المواطنين بأن المشاركة ستنقذهم من الفقر وتدخلهم “جنة الغنى” .

من واقع النصب والاحتيال لشركة تينز أعلم أن هناك أسر تكابد لقوت يومها ، وبناءً على طرق النصب والاحتيال لتينز والطريقة البارعة في الإقناع ، باعوا آخر ما يدخرونه واستدانوا لتسديد الاشتراك ، ومنذ عام ويزيد من الإشتراك لم يجدوا ما وعدتهم به تينز .

للأسف مثل هذه الشركات تنصب على المواطنين في وضح النهار ، وتستغل الجهل والفراغ الإداري في الدولة ، هذا النشاط لا يضر الفرد فقط ، بل هو تخريب للاقتصاد الوطني ، ويطرح تساؤلات عن دور مؤسسات الرقابة مثل وزارة المالية ومسجل تنظيمات العمل في مواجهة هذه الظواهر .

ومن الضروري كذلك أن يتدخل جهاز الأمن والمخابرات العامة ممثلاً في دائرة الأمن الاقتصادي للحد من مثل هذه الممارسات ، باعتبارها أنشطة تخريبية للاقتصاد الوطني ، وشركات النصب والاحتيال عموماً ، وتينز ليست سوى نموذج لها .

من المنظور الإسلامي ، التسويق الهرمي محرم ، لأنه يستند على الغرر والاحتيال والربا والظلم ، فالربح يكون غالباً على حساب المشتركين الآخرين ، وليس نتيجة لجهد حقيقي أو منتج حقيقي ذو قيمة ، القرآن الكريم يحذر من الغرر والاحتيال في التجارة ، قال تعالى:”وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ…” (سورة الشعراء: 181) ، كما جاء في السنة النبوية: “من غشّ فليس مني” ، وهو ما ينطبق على كل من يروج لمنتجات وهمية أو يبيع وعوداً مالية غير حقيقية .

إذن التسويق الهرمي ليس مجرد خطأ اقتصادي ، بل هو حرام بالنصوص الدينية ، ويعد استغلالاً للناس واستنزافاً لأموالهم بطرق غير مشروعة .

في ولاية كسلا ، شهد منتزه البستان احتفال الشركة السنوي ، بحضور “ليدرات” كبار ، ومسؤلين حكوميين وإعلاميين ، وتم تكريم الفائزين بالميداليات الذهبية والبلاتينية ، بينما كان الفنانون يقدمون عروضاً موسيقية وغنائية ، هذا النشاط يعكس براعة الشركة في تلميع صورتها أمام المجتمع ، رغم أن جوهر عملها قائم على النصب والاحتيال .

يجب على الجهات الحكومية فرض الرقابة الصارمة على شركات التسويق الهرمي ، وإيقاف أي نشاط يهدد الاقتصاد الوطني ، ويستغل المواطنين بالوعود الكاذبة ، كما يجب توعية الناس بأن الربح السريع والوعود الخادعة لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية ، وأن المشاركة في مثل هذه الشركات تعرضهم للغش والحرام المالي ، وتساهم في تفريغ المجتمع من أمواله وطاقاته .

التسويق الهرمي ليس مجرد خطأ إداري أو اقتصادي ، بل ممارسة ممنهجة للنصب والاحتيال ، تخالف الدين ، وتضر بالأفراد والأمة… لنا عودة .

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات