في المقالات السابقة، ناقشنا كيف أن الإصلاح لا يأتي فقط من القادة، بل يبدأ من المجتمع، وتحدثنا عن دور الأفراد في إحداث التغيير. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كنا ندرك أهمية التغيير، فلماذا يتباطأ الإصلاح في السودان؟
- غياب الإرادة المجتمعية الكافية
الكثيرون يؤمنون بضرورة التغيير، لكن القليل منهم على استعداد لاتخاذ خطوات فعلية تجاهه. فالناس ينتظرون أن يقوم القادة بكل شيء، بينما يظلون متفرجين. في الواقع، التغيير يحتاج إلى مشاركة حقيقية، لا مجرد أمنيات وانتقادات.
- مقاومة العادات والمصالح الشخصية
في أي مجتمع، هناك من يستفيد من الوضع القائم، وهؤلاء يقاومون أي محاولة للإصلاح لأنها تهدد مصالحهم. وعندما يكون الفساد متجذرًا في السلوكيات اليومية، يصبح تغييره تحديًا صعبًا، لأن الكثيرين اعتادوا على الوساطة والرشوة والمحسوبية كجزء من حياتهم اليومية.
- انعدام الثقة بين المجتمع والقيادة
التجارب السابقة جعلت العديد من المواطنين يفقدون الثقة في الحكومات، حتى عندما تطرح مبادرات إصلاحية. هذا يدفع البعض إلى عدم التعاون مع أي جهود رسمية، مما يعطل فرص النجاح. الحل يكمن في بناء الثقة بين الدولة والمجتمع، عبر سياسات شفافة وإشراك المواطنين في عمليات الإصلاح.
- غياب الوعي الكافي بآثار الفساد والتخلف
كثيرون لا يدركون حجم الضرر الذي يسببه الفساد والتهاون في القوانين. التهرب الضريبي، على سبيل المثال، قد يبدو للبعض مجرد طريقة للالتفاف على الدولة، لكنه في الحقيقة يحرم البلاد من مواردها الأساسية، ويؤدي إلى ضعف الخدمات العامة والبنية التحتية. التوعية المستمرة هي مفتاح كسر هذا الجمود.
خلاصة القول:
الإصلاح ليس قرارًا فوقيًا فقط، ولا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها. التغيير يحتاج إلى عمل مشترك بين الدولة والمجتمع، وإلى وعي بأن كل فرد له دور في إصلاح المنظومة. لن يتحقق التطور إلا إذا قررنا جميعًا أن نكون جزءًا من الحل، لا من المشكلة.
رسالة اليوم:
“الإصلاح يبدأ عندما ندرك أن الحل ليس في انتظار القادة وحدهم، بل في تغيير سلوكنا اليومي نحو الأفضل.”