في خضم التحديات التي يمر بها وطننا السودان، يبرز سؤال جوهري: كيف نبني دولة قوية من دون تغيير سلوكياتنا السالبة؟
لقد كشفت الحرب، رغم قسوتها، أن كثيرًا من مشكلاتنا ليست محض صراعات سياسية أو ضغوط خارجية فحسب، بل هي أيضًا تراكمات لسلوكيات فردية وجماعية خاطئة رسخت فينا لسنوات طويلة.
من أبرز هذه السلوكيات: الكسل، عدم احترام الزمن، الاستهانة بالقانون، الفوضى في الأسواق، انتشار الشائعات، ضعف روح المبادرة، وقلة الإحساس بالمسؤولية العامة.
وهذه السلوكيات، إذا لم نقف عندها بالنقد والمعالجة، ستظل تعرقل أي مشروع وطني مهما كان طموحًا.
إن إطلاق هذه السلسلة من المقالات بعنوان “نقد الذات وتطوير السلوك العام” هو دعوة صادقة لمواجهة أنفسنا بشجاعة. فالنقد هنا ليس بغرض جلد الذات أو بث الإحباط، بل هو خطوة للتصحيح والبناء. سنناقش في كل مقال سلوكًا سلبيًا محددًا، ثم نطرح حلولًا عملية قابلة للتطبيق في حياتنا اليومية، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو المؤسسات.
لا يكفي أن نرفع شعارات التغيير والإصلاح من دون أن نغيّر أنفسنا أولًا. قال الله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، وهذه هي القاعدة الذهبية لأي نهضة.
فلنبدأ إذن من هنا:
من مراجعة سلوكياتنا الفردية والجماعية.
من إعادة الانضباط والجدية لحياتنا اليومية.
من تعزيز ثقافة العمل، والإنتاج، والنظام، والشفافية.
إن هذه السلسلة ليست مجرد مقالات، بل هي مشروع وعي نأمل أن يفتح باب النقاش المجتمعي ويحفّز على التغيير الحقيقي.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أرفع خالص الشكر والتقدير لمتابعي الكرام، ولصحيفة المجد نيوز الإلكترونية التي تفتح منبرها لهذه السلسلة الفكرية. فبكم، أيها القراء الأعزاء، يكتمل المعنى ويترسخ الهدف.