أن البيان الذي أصدرته عددا من الدول، و الاتحاد الأوروبي و الإتحاد الأفريقي و الإيغاد عن الحرب الدائرة في السودان، تعتبر مناشدة من قبل تلك الدول، و التي أيدت في بيانها بيان الرباعية، و التحركات الأخرى التي تتعلق بالإغاثة و حماية المواطنين.. و أهم ما جاء في البيان التأكيد على الإلتزام بوحدة السودان و سلامة أراضيه.. و أيضا إدانة التدخل العسكري من قبل الجهات الفاعلة الحكومية، و غير الحكومية الأجنبية في الصراع.. و لكنها أقوال لا ترقى إلي الفعل الجاد.. و إذا كانت هذه الدول و المنظمات جادة في وقف الحرب كانت حددت الإدانة المباشرة للأمارات التي تدعم الميليشيا دعما عسكريا مباشرا بالسلاح، و الذي يجلب من ذات الدول الوارد أسمها في البيان..
أن محاولات الاجتهاد التي تقوم بها الأمارات مستغلة أموالها في السياسة الدولية، بهدف وقف الحرب لإعادة الميليشيا مرة أخرى للساحة السياسية مسألة لا تجد القبول من قبل الجيش و الجماهير الداعمة له.. لكنها تجد القبول من قبل الميليشيا و العناصر التي تحركها الأمارات.. و هؤلاء حقيقة فقدوا الاتصال المباشر مع الشارع السوداني، و تعلقت أمالهم فقط بالمجتمع الخارجي.. و هل يعتقد هؤلاء أن المجتمع الدولي سوف يفرض حلولا لا ترغب فيها الأغلبية من الشعب.. أما إذا كان البعض يشكك في مقولة أن الأغلبية تؤيد الجيش في مواصلة القتال حتى هزيمة الميليشيا و اتباعها من السياسيين.. عليهم أن يقدموا مشروعهم السياسي لوقف الحرب للشعب مباشرة، و إقناعه بصواب رؤيتهم.. لكي يؤكدوا أن مقولة أغلبية الشعب تقف مع الجيش خاطئة..!
أما رفع الشعارات البعيدة عن نبض الشارع، و محاولات التضليل السياسي بأنهم يقفون مع الشعب و هم يعلمون أن خطابهم موجه فقط للخارج الذي جعلوه بديلا للشارع.. و دعم الجيش للتخلص من الميليشيا يشكل تحولا كبيرا في السياسة في السودان، لأنه يفتح أبواب الحوار السياسي بعيدا عن مؤثرات القوة و القمع و الإرهاب.. و الدول التي أصدرت البيان هي نفسها تعد جزء من المشكلة.. لأنها تحاول أن تجمل وجه المعتدين من الدول الداعمة للميليشيا.. و الذي يجعلها مترددة في التدخل المباشر موقف الشعب المؤيد للجيش..
الحوار الوطني مسألة ضرورية و مطلوبة، و نطالب رئيس الوزراء أن يدعو إليه، على أن يتم داخل السودان، و أن لا تشارك فيه أية دول خارجية، و يجب على القوى السياسية أن تكون جادة في عدم السماح للدول الخارجية مهما كانت علاقتنا بها، أن تمد أرنبة أنفها في شأن السودان الداخلي، و الحوار وحده هو الذي يقلل استخدام أدوات العنف في العمل السياسي.. و هي ثقافة سياسية يجب الكل أن يتقيد بها إذا كانوا حريصين على عملية التحول الديمقراطي في البلاد.. فالديمقراطية ليست شعارات تطلق في الهواء هي ممارسة يومية، و الممارسة و الحوار هما الأدوات الحقيقية لإنتاج الثقافة الديمقراطية..
الغريب في أمر السياسة في السودان: أن الأحزاب السياسية فشلت في تقديم مشاريع سياسية، أو تقديم حتى رؤى تفتح حوار بينها، و الأغلبية من القيادات منتظرين القوى الخارجية تقوم بهذا الدور بديلا عنها، و لا تسمع لها صوتا إلا عندما تصدر بيانات من ” الرباعية – الاتحاد الأفريقي – الاتحاد الأوروبي و غيرها” تجد الجدل فتحت أبوابه داخل القروبات بين مؤيد و معارض.. و المسألة الغريبة على الثقافة السياسية السودانية أن أغلبية الأحزاب تريد السلطة دون انتخابات رغم شعارات الديمقراطية التي يرفعونها..
أن انتصارات الجيش و القوى الداعمة له في ولايات كردفان تبشر أن الميليشيا بدأت تفقد قوتها حيث تعالت أصوات داخل القوى الاجتماعية الداعمة لها تنادي بوقف التجنيد و الدعوة للإنصياع للعقل، الأمر الذي يؤكد أن بروز صوت العقل الذي يرفض دعوات قيادات الميليشيا.. أما الأصوات الأخرى المحرضة، و المشككة في انتصار الجيش و القوى الداعمة له، هؤلاء يخافون من الحقيقة، بأن الطريق للسلطة واحد عبر صناديق الاقتراع فقط.. و القوى الخارجية لا تملك حق فيتو في الشأن السياسي في السودان..
الملاحظ :أن هناك قوى تطالب مجلس السيادة و رئيس الوزراء أن يبدأوا العملية الديمقراطية بفتح باب الانتخابات للمجالس المحلية في الأحياء، حتى تصبح هي القوى السياسية الشرعية التي يجب عليها التحدث بأسم المجتمع، لأنها سوف تكون منتخبة من قبل جماهير الأحياء، و هي فكرة جيدة؛ تؤسس لعملية التحول الديمقراطية في البلاد، و من هؤلاء يجب أن يتم تكوين المجلس التشريعي للفترة الانتقالية، و يصبح هو المجلس المناط به أصدار التشريعات التي تحتاج لها المرحلة المقبلة التي تسبق الانتخابات.. و المكتب التنفيذي للمقاومة الشعبية الذي تم انتخابه في مؤتمر سنكات من المؤيدين للفكرة، و يجب على القوى السياسية الأخرى أن تؤيد الدعوة، و تصبح عملية التحول الديمقراطي واقعا بدلا من مطالب.. نسأل الله حسن البصيرة…