لا توجد أمة نهضت عبر التاريخ إلا وبدأت بالتعليم والصحة. هما جناحا التنمية الحقيقية، وبدونهما لا تستطيع أي دولة أن تحلق في سماء التقدم. السودان اليوم، ورغم الخراب والدمار، ما يزال يملك الفرصة لبناء مستقبل مختلف إذا جعل من التعليم والصحة أولوية قصوى.
التعليم أولاً:
لقد تراجعت مدارسنا وجامعاتنا بشكل مؤسف، وأصبح التعليم في كثير من الأحيان عبئاً على الأسر بدل أن يكون أداة للتحرر. لا يمكن أن نتحدث عن تنمية دون نظام تعليمي حديث يركز على التفكير النقدي، والعلوم، والتكنولوجيا، ويربط بين المعرفة وسوق العمل. فالتعليم ليس مجرد شهادات تعلق على الحائط، بل هو بناء عقول قادرة على الابتكار والتغيير.
نحن بحاجة إلى ثورة حقيقية في المناهج، في تدريب المعلمين، وفي البنية التحتية للمدارس. والأهم من ذلك، لابد من ترسيخ ثقافة أن التعليم هو حق لكل طفل، لا سلعة تباع وتشترى.
الصحة ثانياً:
الأمة المريضة لا تستطيع أن تنهض. والمستشفيات في السودان تعكس حجم التحدي الكبير أمامنا: نقص في الأدوية، ضعف في الكوادر، وهجرة العقول الطبية إلى الخارج. الإصلاح يبدأ من إرادة سياسية واضحة تجعل الصحة أولوية وطنية، من خلال تأهيل المستشفيات، تحسين أوضاع الأطباء والممرضين، وتوسيع مظلة التأمين الصحي ليشمل الجميع.
كما أن الوقاية لا تقل أهمية عن العلاج، عبر برامج توعية، مياه نقية، وصحة بيئية سليمة.
الرسالة واضحة: لا تنمية بلا إنسان متعلم، ولا نهضة بلا إنسان سليم. فإذا أردنا أن يكون لنا مكان بين الأمم، فلنبدأ من هنا: من المدرسة والعيادة.
