الأربعاء, سبتمبر 3, 2025
الرئيسيةمقالاتخارج النص ...

خارج النص يوسف عبد المنان يكتب… توسلات مادبو

عاد الوليد مادبو يتوسل لحميدتي بعبارات مدح ورياء وتزلف، بعد أن أشبعه طعناً في ماضي الأيام، حتى بلغ الطعن في أهلية “ولي نعمته” لقيادة الدعم السريع، فضلاً عن أهليته لقيادة حكومة افتراضية قيل إن مقرها نيالا.
نيالا التي صبّ عليها البرهان أمس حمماً من الصواريخ بعيدة المدى، فأشبعت الجنجويد موتاً في يوم ميلاد حكومة حميدتي، بينما يحدثنا الوليد مادبو عن الانعتاق والتحرر من قبضة حكومات مركزية أهملت الهامش واستأثرت بالسلطة على حساب الغلابة والمساكين.

الوليد مادبو ذو الوجه الذي نعمته سلطة والده، ذاك الذي كتب في تاريخ الجيش السوداني كأول مدني يتقلّد منصب وزير الدفاع في حكومة الصادق المهدي عام 1965. ويحدثنا التاريخ أيضاً عن نيابة الناظر موسى مادبو في الجمعية التأسيسية عن رزيقات الضعين، وانتخاب عقيل أحمد عقيل أول نقيب للمحامين في السودان بعد الاستقلال.
احتكرت أسرة مادبو المناصب التنفيذية والتشريعية، بينما كانت مناطق واسعة من السودان لا تجد غير مطلب جرعة ماء أو طاحونة أو داية حبل، وكانت عشيرة الوليد مادبو تستقبل في الضعين محمد بن زايد وجمال عبدالناصر المهزوم في حرب بحيرة سِدُو جنوب شرق المدينة.

فأيّ حديث عن التهميش يأتي من مادبو؟ وهو نفسه من كان شريكاً في تهميش من حوله من القبائل والعشائر! وبعد أن تجاوزته تعيينات حميدتي، وبدلاً من أن يصبح صانع قرار في “دولة العطاوة” التي أُلبست بمساحيق تجميل، ظل مادبو يلهث وراء دور. لكن كما يُقال: لن ينفع الحمار حمام الساونا ولا خضاب الأظلاف ولا نظافة المؤخرة، ولو تعطّر بآخر ما أنتجته مصانع العطور، فتبقى رائحة الصوف المبلول بالمطر تفوح منه.

الوليد مادبو الذي حفيت قدماه، ولم يبقَ في وجهه مزعة لحم من أجل منصب وزير في حكومة حمدوك، عاد إلى الخليج عاطلاً يتسكع في المجالس، يبعث بتوسلات لياسر العطا بعد انقلاب 25 أكتوبر طامحاً في تعيينه رئيساً للوزراء أو وزيراً للخارجية. لكن ياسر العطا لم يكن معنياً بمثل هذه التوسلات، فهو متخصص في اصطياد الفئران في فصل “الرشاش” قبل أن تأكل التيراب. وحين يئس مادبو من منصب رفيع، رضي حتى بمنصب وزير دولة للشباب والرياضة، فأرسل برسائل إلى صالح عيسى خال حميدتي، ذلك الرجل الأمي الذي اجتهد محمد الحسن التعايشي في تعليمه القراءة والكتابة لكنه فشل، كما فشل في مساره السياسي، قبل أن ينشغل بخدمة خال حميدتي حتى تنظيف أسنانه من بقايا لحوم المندي!

اليوم، عاد الوليد مادبو يمدح حكومة نيالا بحثاً عن موطئ قدم، ولو في عربة “الفرملة”، يعطر لسانه بكل أبيات الشعر الجاهلي في مدح حميدتي وعبدالرحيم دقلو، عسى أن يجودا عليه ببعض ما تحدّثه به نفسه الأمّارة بالشر والحقد والغل.

يبشّر مادبو بالانعتاق من هيمنة المركز، وكأن قيادات دارفور التي تصنع المشهد السياسي الآن وتقود الدولة غير جديرة بالتمثيل ما لم يكن بينهم آل دقلو وآل مادبو! أعماه رمد البصيرة عن رؤية الفريق إبراهيم جابر الذي يخطط للاقتصاد ويمسك بزمام شركات الطيران والاتصالات، ولا يرى أحمد إبراهيم مفضل الذي ائتمنه البرهان على أمن البلاد فلم يخن، رجل يتصف بالنزاهة والفضيلة والمروءة.
لا يلتفت مادبو إلى مني أركو مناوي، ولا يعير جبريل إبراهيم، بكل حلمه وأدبه وعفة يده ولسانه، أي اعتبار لأنه زغاوي لا ينتمي لعطية وحيماد. ولا يقرأ في كتاب عبدالله يحي، ولا صلاح رصاص، ولا معادن نور الدائم.

يظن مادبو أن دارفور لا يمثلها إلا العطاوة وحدهم، وأن دولتهم الموعودة التي بشر بها، وهي اليوم كظيم تتهاوى بالصراعات بين مكونات الدعم السريع وحكومة حميدتي، ستظل عباءة ضيقة لا تسع الحوازمة والبني هلبة والمسيرية والفور والتنجر والتاما والكبابيش والبرتي. تلك الحكومة لن تنجح في حكم مدينة نيالا، دعك عن دارفور التي يحلم مادبو بفصلها كما انفصل الجنوب، ليصبح العطاوة سادة لها، ومن دونهم عبيداً يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات