الجمعة, أغسطس 8, 2025

قراءة في بيان مؤتمر تحالف القوى الشعبية بقلم/ زين العابدين صالح عبد الرحمن

أنهى تحالف القوى الشعبية مؤتمره الذي عقد في ضاحية جبل إنكويت بسنكات، و الذي عقد تحت شعار “تعزيز الحوار السوداني السوداني نحو مشروع وطني جامع” و قد حضر المؤتمر العديد من المكونات الشعبية في ولايات السودان المختلفة، و هي الكيانات الشعبية التي ساهمت في عملية استنفار الشباب تحت المقاومة الشعبية و أيضا القيادات الأهلية التي دعمت هذه المقاومة بالجهد و مالها،و هي التي نظمت هذا المؤتمر الشعبي .. و قال البيان أن الهدف من هذا الجهد الشعبي الذي توجته بمؤتمر ” المساهمة في إعادة بناء الدولة السودانية على أسس التراضي الوطني، و التوصول إلي عقد اجتماعي ينهي دوامة الحروب و الانقسام في البلاد”… و قضية التراضي الوطني التي اشار إليها البيان حقيقة تحتاج إلي حوار بين المكونات الشعبية و السياسية للوصول ألي توافق وطني يضع المعالم الرئيسية لبناء دولة السودان ما بعد الحرب..

أن مراقب مهتم بالشأن السياسي في السودان؛ يلاحظ منذ بداية الحرب حتى اليوم “حالة غياب للقوى السياسية داخل البلاد” و حتى التجمعات التي كانت تعقد في بورتسودان بين فترة و أخرى، كانت تجمعات تنظر للسلطة أكثر من البحث عن حلول للمشكلة السودانية، و كانت القوى السياسية تعقد اجتماعاتها حسب الحوجة لها، و ليس بسبب أهداف رئيس تعمل من أجل تحقيقها، فكانت قيادات تأتي من الخارج تشارك في الاجتماعات، ثم ترجع مكان إقامتها حتى يتم دعوتها مرة أخرى لتنفيذ أجندة محددة.. مما يؤكد أنها عملية سياسية تفرضها الأحداث و ليست عملية سياسية بهدف إيجاد حلول للمشاكل تجعلها في حالة انعقاد مستمر، يجعل القيادات تغير مكان إقامتها إلي ميدان المعركة و تقيم فيه بشكل دائم لكي تنجز مشروعها السياسي…

أن مؤتمر القوى الشعبية يتكون من القواعد الشعبية في الأحياء و المدن و الولايات، و هم الذين عملوا كمتطوعين في تهيئة المناطق، من ملتزمات الخدمات الضرورية لإعادة المواطنين الي مناطقهم.. هؤلاء هم الذين أتصلوا بالمواطنين المغتربين في دول العالم للمساهمة في بناء محطات للطاقة الشمسية بهدف عودة خدمات المياه و إنارة مناطق الخدمات مثل المستشفيات و المراكز الصحية و أماكن العبادة و غيرها.. و أيضا هؤلاء هم الذين استنفروا الشباب للإنخراط في الدفاع عن مناطقهم.. و أيضا هناك منهم الذين قدموا أموالهم لتلك المناطق..الملاحظة التي يجب الإشارة إليها أن الرئيس الأريتري أسياس أفورقي عندما أشار في عدد من من ملاحظاته و خاصة عندما تم عقد مؤتمر القاهر لدول جوار السودان.ز كان قد قال أن السودان أصبح بازارا سياسيا للتدخلات الخارجية، و في مثل هذه الظروف لا تنفع إلا تشكيل مقاومة شعبية هي التي تتولى عملية السياسية في البلاد لكي تمنع دخول أية انحرافات غير وطنية في وسط المواطنين السودانيين، لذلك استضاف عدد من اللقاءات في بلاده بهدف دعم المجهودات الشعبية التي يجب عليها أن تقوم بعملية التوعية الوطنية المطلوبة.. و بالفعل استضافت أسمرا عددا من القاءات الشعبية لقيادات المقاومة الشعبية.. و ربما يكون المؤتمر أول ثمارها التي بدأت تظهر للناس..

يقول البيان ( انعقد المؤتمر في ظل ظرف وطني بالغ الخطورة يتسم بتصاعد العدوان منذ الخامس عشر من إبريل 2023م و انهيار مؤسسات الدولة، و تزايد التدخلات الأجنبية، مع بروز مهددات إقليمية تمثلت في إطماع بعض الدول و عدوانها المباشر و غير المباشر على السودان.. في مقابل تعزيز التعاون و التنسيق مع الحلفاء الإقليميين، و على رأسهم اريتريا و مصر بما يخدم حماية السيادة السودانية و استقرار المنطقة) أن المؤتمر يؤكد أن هناك قوى سياسية بدأت تتشكل لكي تملأ الفراغات التي خلفها غياب القوى السياسية… خاصة أن الوفود التي حضرت المؤتمر هي منتخبة من قواعدها في الولايات المختلفة.. الأمر الذي ينظر أن هناك تحولات سياسية جديدة بدأت تظهر بشكل قوي على الأرض،، و المؤتمر الذي بدأ يوم الأثنين 4 أغسطس 2025 و استمر حتى أصدر بيانه يوم الخميس 7 أغسطس 2025, م، كما جاءت وفود متأخر بسبب صعوبة الاتصالات، و لكنها حضرت المشاركة في صدور البيان إلي جانب المشاركة في حوار ” الإعلان السياسي” و بعده انتخاب قيادة لقيادة القوى الشعبية…

في بعض ما جاء في ديباجة الإعلان السياسي ( تراكمت أزمات السودان نتيجة فشل مشروع بناء الدولة الوطنية منذ الاستقلال، بسبب غياب التوافق على أسس مشتركة للهوية، و توزيع السلطة و الثروة، و شكل الحكم، و بنية مؤسسات الدولة. ساد نموذج احتكاري للإدارة أقصى الأطراف و المكونات، و ولد حركات احتجاج مسلحة و مدني، و أنتج دورات من الانقلابات و التسويات الهشة، و التدخلات الأجنبية هذا الفشل البنيوي هو ما أفسح المجال لانهيار الدولة و تفكيكها و أضعف مؤسساتها و جعلها عرضة للتمرد و التدخلات حتى وصلت إلي ذروة الإنهيار في الحرب الدائرة) أن اليباجة لم تخرج من الأجندة المنتشر و لكن الجديد أن تحالف قوى المقاومة الشعبية يؤكد على أن الحل يكمن في الحوار الوطني الذي يجب أن تشارك فيه كل المكونات السودانية دون أن يضعوا شروطا من أجل ذلك، و الإعلان يحتوي على تفصيلات عديدة يمكن الرجوع لتناوله مرة أخرى.. و معلوم أن أية عمل سياسي يتطور من خلال السياقات النقدية التي تجرى عليه.. و هي قضة مهملة في الساحة السياسية السودانية، حيث درجت السياسة على التشهير دون النقد أو حتى الإطلاع الكامل على الموضوعات..

أن عقد مؤتمر للمقاومة الشعبية يبحث في الأزمة السودانية من حيث المبدأ، هو خطوة إيجابية جيد.. و خاصة أنهم قدموا مشروعا سياسيا متكاملا خاضع للحوار و إبداء الرأي، و تعتبر نقلة نوعية بالضرورة سوف تخلق قاعدة لوعي سياسي جديد في البلاد.. و تحفز الأخرين الخروج من العباءات القديمة القائمة على التبخيس.. و تقدم مشاريع سياسية منافسة تهدف لتطوير العملية السياسية في البلاد.. نسأل الله حسن البصيرة..

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات