وَطَنِي…
سلامٌ على مَن لم ينم، لأنّ الوطن موجوع،
وسلامٌ على مَن حمل بندقيته ولم يسأل: “من أين أنت؟”
بل سأل: “كيف أحميك؟”
إلى سيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان،
القائد العام للقوات المسلحة السودانية،
رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ،
هذا نداء موقفٍ لا مخاطبةُ رجاء،
فالسودان يكتب تاريخة الآن،
وقلمي مسؤول أن يقول ما يجب أن يُقال.
تحيةٌ عسكرية من نبضِ هذا الشعب الجريح،
ومن أعينٍ لم تذق طعم النوم منذ أن شبَّت نيران الحرب فوق أرضنا.
سيدي القائد،
السودان اليوم ليس هو سودان الأمس…
حربٌ غيّرت وجوه الجغرافيا، وصهرت المعادن، وكشفت النوايا…
حربٌ وحدت من لم تجمعهم اتفاقات السلام، ولا مؤتمرات الفنادق،
لكنها جمعتهم في الميدان، في الخنادق،
في أزقة القرى المحروقة،
وفي قلب المدن التي كانت تئن تحت وطأة المليشيا والدمار.
ولأننا كنّا وما زلنا نرى في “الجيش” رمز السيادة، وبوصلة الخلاص،
فقد لبّى أبناء الوطن نداء الاستنفار،
من كل جهة، من كل قبيلة، من كل حركة كفاح مسلح،
ومن كل بيت سوداني اختار أن يكون حارسًا للوطن، لا متفرجًا على موته.
وها هم اليوم…
جنودٌ بلا تصنيف، ولا بطاقة تعريف سوى: “جيش الوطن”.
لا يسألون: “من أي قبيلة أنت؟”
ولا يقولون: “إلى أي كتيبة تنتمي؟”
فقط… يقاتلون لأن الأرض تنادي، والعرض يستغيث.
نَحْلُمُ أَنْ:
تَعود أنوار الفاشر،
وتشتعل معها أنفاس النيل،
فينتعش نَفَس الجزيرة من صبر دارفور،
وتمسح كردفان وجه الخرطوم بتراب الوفاء،
ويُربّت الشرق على كتف الشمال.
فالسودان يُولد بالتكامل… لا بالعزل.
لقد تغيَّر هذا الوطن…
نعم، تغيَّر إلى الأبد.
لم تعد الحرب فقط سلاحًا ونارًا،
بل أصبحت أكبر من المعركة،
إنها ولادة جديدة لجيشٍ جديد:
جيشٌ لم يولد من المؤسسات وحدها،
بل من بطون الخنادق، من حُرقة الأمهات، من صراخ القرى المحروقة، من صوت المستنفرين،
ومن شراكةٍ مقدسةٍ بين حركات الكفاح المسلح والجيش وكل أبناء الوطن.
هذه الحرب:
لم تُفرز جيشًا ومدنيًّا،
لم تعرف قبيلة ولا جهة،
بل صهرت كل الكتائب،
وجعلت من كل مَن حمل السلاح جزءًا من جيش واحد… هو جيش الوطن.
الجَيْشُ الَّذِي يُقَاتِلُ الآن:
يضمّ الحركات التي كانت في الهامش،
والشباب الذين خلعوا رداء التفرج،
والمستنفرين الذين ما ناموا منذ اشتعال النداء،
والكتائب التي تحمي الميدان.
جيشٌ ولدته الخنادق،
ورضع من أنين النساء اللاتي اغتُصبن،
ومن بكاء الأطفال الذين قُتلوا بلا ذنب.
هذا الجيش المشترك:
ليس فقط قوة تحمي التراب،
بل هو شرف الأرض، وصيانة العرض.
هو الذي:
أبكى القرى فرحًا حين دخلها،
وأسكت أصوات الرعب،
وتفتخر به الأمهات،
وتطمئن إليه الأرواح المرتجفة.
نحن لم نعد نحتمل أن تقسّمنا القبائل،
ولا أن تفرقنا الانتماءات القديمة،
فالدم الذي نزفناه جميعًا،
والألم الذي اقتسمناه،
والليالي التي سهِرناها بانتظار طلّة جندي واحد…
تلك كلُّها تذكرة تُلزمنا بالمضيّ معًا، لا العودة إلى الخلف.
سيدي القائد،
أنتم لا تملكون فقط القرار العسكري،
بل القرار الوطني.
فاجعلوا من هذه اللحظة حجر الأساس لجيش لا يُسأل فيه الجندي: “من أين أتيت؟”
بل يُقال عنه بفخر:
“هذا ابن السودان… جيش الوطن… ابن القوات المسلحة المشتركة السودانية.”
هذا ليس مطلبًا… بل حقيقةٌ تتكون:
أن يُعتمد اسمٌ يحمل شرف من حمى،
ويجسّد تاريخ من صان،
ويكون التاج على رأس كل من قاتل بلا أمر، بل بوجع الوطن.
🔻 القُوَّاتُ المُسَلَّحَةُ المُشْتَرَكَةُ السُّودَانِيَّةُ
لا للتزيين،
لا للتصنيف،
بل لأن كل الجرحى من جسدٍ واحد،
وكل الشهداء على أرضٍ واحدة،
وكل الجنود تحت علمٍ واحد.
وأحلم…
أن تمشي بنات الفاشر في السوق دون خوف،
أن تعود العروس إلى قريتها دون أن تُؤخذ في غفلة،
أن يفتح الطفل نافذته ويتنفس من نسيم النيل،
لا من رماد الخراب.
وأن تُعمَرَ الأرضُ، ويَخضَرَّ الزرع، وننعم بثمارٍ سقيناها بالحبِّ، ويُحاسَب من أساء، ويُقام العدل.”
أَبْيَاتُ الشِّعْرِ:
سَلَامٌ عَلَى الجُنْدِيِّ مِنْ غَيْرِ رَايَةٍ
حَمَلْنَا عَلَى كَتِفِهِ… وَهَمَّ القَضَايَا
تَوَشَّحَ بِالتُّرَابِ… وَكَانَ البُطُولَةْ
وَفِي صَدْرِهِ… شَوْقُ مَنْ بَاعْ وَحَكَايَا
رَدَّ الشَّرَفْ… يَوْمَ الكَرَامَةِ نَادَى
وَأَعَادَ لِلأُنْثَى حُرِّيَةَ الحَنَايَا
هُوَ جَيْشُنَا… لَا تَسْأَلُوهُ قَبِيلَةً
هُوَ وَجْهُنَا… فِي كُلِّ دَارٍ وَحَنَايَا
لقد تغيَّر هذا الوطن…
نعم، تغيَّر إلى الأبد.
لم تعد الحرب فقط سلاحًا ونارًا،
بل أصبحت أكبر من المعركة.
إنها ولادة جديدة لجيشٍ جديد…
جيشٌ مشترك وُلِد من رحم الحقيقة.
فامنحوه الاسم الذي يليق:
القُوَّاتُ المُسَلَّحَةُ المُشْتَرَكَةُ السُّودَانِيَّةُ
وخلّدوا هذه اللحظة،
لأنّها لحظة شعبٍ نهض من رماد،
وكتب تاريخه بحروفٍ من دم.
سَلَامٌ وَأَمَانٌ… فَالْعَدْلُ مِيزَان
✍️ بقلم: عبيرُ نبيل محمد
“أنا الرِّسالةُ حينَ يضيعُ البريد،
أحملُ في قلمي خارطةً لا تُحرق،
وفي صوتي شعبًا لا يُقهر.”
توقيع لا يُنسى
اِمْرَأَةٌ مِنْ حِبْرِ النَّار