الثلاثاء, يوليو 8, 2025
الرئيسيةمقالاتماذا تعني عودة تسجيلات الأراضي بالخرطوم ؟ ...

ماذا تعني عودة تسجيلات الأراضي بالخرطوم ؟ بقلم/ د.إسماعيل الحكيم


إن عودة مكاتب تسجيلات الأراضي بالخرطوم ليس حدثاً عادياً ولا إجراءً إدارياً روتينياً فحسب ، بل هي إعلان صريح بأن الخرطوم بدأت تستعيد عافيتها وتسترد عافيتها ، وأن دورة الحياة تعود إليها بإرادة الدولة وجهد رجالها. فالأرض في الوجدان السوداني، ليست مجرد رقعة جغرافية، بل هي عنوان للكرامة والانتماء، ومرآة للاستقرار النفسي والاجتماعي . ففي مشهد مشهود حمل دلالات السيادة والعودة إلى حضن الوطن، أُعيد فتح عدد مقدر من مكاتب تسجيلات الأراضي بمحليات ولاية الخرطوم تحت إشراف وتشريف الوالي الهمام الأستاذ أحمد عثمان حمزة، في خطوة يمكن وصفها دون مبالغة بأنها فتح ونصر جديد في معركة إعادة الحياة إلى طبيعتها واستعادة الحقوق التي كادت أن تُفقد كلها في زحمة الحرب.
لقد عرف السودانيون قيمة تراب وطنهم يوم أن اقتُلِعوا من بيوتهم عنوة، وهُجّروا قسرًا بلا ذنب، وتحت سطوة سلاح لا شرعية له، سلاح أراد أن يستبدل القانون بالغاب، والمؤسسات بالفوضى. فكانت مخططات المليشيا المتمردة مليشيا آل دقلو، قائمة على تفريغ الخرطوم من أهلها، ونهب ممتلكاتهم، واغتصاب البيوت كما اغتُصبت الحرائر، ليهيم الإنسان في الأرض بلا مأوى، كما تهيم الدواب، بلا سقف يحميها ولا وطن يحتضنها.
لكن الدولة اليوم وعبر مؤسساتها الشرعية، بدأت جاهدة إعادة الأمور إلى نصابها. فعودة مكاتب التسجيل العقاري تعني أن الحقوق مع حفظها عادت لأهلها، وأن كل سوداني بات يملك أدوات حماية أرضه ويملك حق التصرف فيها، بيعًا أو شراءً، أو تأكيدًا لملكيتها عبر إجراءات قانونية وتحت رقابة الجهات المختصة. إنها عودة للثقة، وعودة للعدل، وعودة للسيادة.
وما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا الإرادة السياسية القوية، والعزم الصادق من حكومة ولاية الخرطوم، بقيادة واليها الأستاذ أحمد عثمان حمزة، الذي أثبت في أكثر من موقف أنه رجل مرحلة، يحمل همّ الوطن، ويعمل بصمت وعزيمة من أجل استعادته قطعة قطعة، وركنًا ركنًا.
عودة تسجيلات الأراضي تمثل أيضًا خطوة متقدمة في سبيل تقنين الأوضاع، ومراجعة السجلات، وضمان سلامة الإجراءات، بما يغلق الباب أمام الفوضى والتزوير والاستيلاء غير المشروع. كما أنها تفتح المجال واسعًا أمام الحركة الاقتصادية، وتحريك سوق العقارات، وهو ما ينعكس إيجابًا على جهود الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد الحرب.
إنها لحظة نرفع فيها القبعة احترامًا للجهد، ونسطَّر فيها شهادة عرفان للذين يعملون بصمت في خنادق الخدمة المدنية، كما يعمل جنود الوطن في خنادق الشرف والكرامة.
التحية لكل من آمن أن الأرض لا تُمنح إلا لأهلها،
وأن الوطن لا يُبنى إلا بالعدل والحق.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات