الأربعاء, يونيو 25, 2025
الرئيسيةمقالاتمتى تعود الخرطوم؟ (5) ( حاضر...

متى تعود الخرطوم؟ (5) ( حاضر فندم ) ,,, بقلم: مصطفى عبيدالله

في خضم الفوضى السياسية والتجاذبات التي تعصف بالمشهد السوداني، تبزغ من بين الركام إشارات مضيئة تعيد لنا شيئًا من الأمل والثقة. واحدة من هذه الإشارات هي سرعة تعيين وزيري الدفاع والداخلية، دون ضجيج ولا مساومات، بما يعكس أن هذه المؤسسات لا تخضع للمحاصصات، أياً كان شكلها، بل تقوم على الضوابط المهنية والقدرات الذاتية والخبرات التراكمية، والاستعداد لخدمة الوطن والتشرف بذلك— لا بالمنصب.
هذه الخطوة لم تكن مجرد إجراء إداري، بل كانت رسالة واضحة مفادها أن هناك مؤسسات في هذا البلد لا تزال تتنفس بروح الواجب، ولا تزال تُعلي راية الوطن فوق كل اعتبار. مؤسسات تقول “حاضر فندم” لا طلباً لمكانة، بل انضباطاً وولاءً لقضية تتجاوز الأشخاص إلى معاني السيادة والحماية والاستقرار.
لكن، في مقابل هذه الروح المهنية العالية، لا بد أن نتساءل بمرارة: ما بال أولئك الذين يشدون قطار خلاص البلاد إلى الوراء؟ ما بالهم يربطون المواقف الوطنية بالكراسي؟ كيف صار التوقيع على ورقة موقف وطني لا يُقدر بثمن، مشروطًا بوعود ومناصب وتقسيم للغنائم؟ يقيني أن الجميع على مسافة واحدة من محبة هذا الوطن، ولكن الوسائل والمناهج والطرق المتبعة في التعبير عن هذه المحبة تختلف. وهنا تكمن الإشكالية؛ إذ أن مناهج بعض القوى المدنية والسياسية باتت مشوهة بالأنانية والمساومات، بينما تجاوزت القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى هذه العقبات بعقلية الدولة لا عقلية الحزب، وبقيم الانضباط لا فوضى المزايدات , إن الخرطوم لا تعود فقط بعودة الكهرباء أو المياه، بل تعود حينما تترسخ قيم الوطنية المجردة من المصالح، وتُعلَّق الرايات على أكتاف الشرفاء لا الطامعين , فهل نملك الشجاعة لنكون جميعًا في مستوى هذا النداء؟
في هذا المفترق الحرج من عمر الوطن، نُناشد الجميع قوى سياسية ومجتمعية، وشبابية أن يترفّعوا عن الحسابات الضيقة، وأن يقدّموا مصلحة الوطن على كل ما سواها , دعونا نُطلق يد الدكتور كامل إدريس ليباشر مهامه بحرية تامة، وليختَر معاونيه وفق ما يراه مناسبًا لمصلحة البلاد، لا وفق محاصصات أو ضغوط أو تفاهمات جانبية.
فالدولة لا تُبنى بالوصايا، ولا تنهض تحت وطأة الإملاءات، بل تُقاد بعقول حرة وقلوب خالصة. دعوا الرجل يعمل .

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات