الإثنين, يونيو 9, 2025
الرئيسيةمقالاتوزارة المغتربين .. إنصاف مستحق .. ...

وزارة المغتربين .. إنصاف مستحق .. بقلم د.إسماعيل الحكيم..


تحمل طيات الأسافير ومن مصادر مطلعة ومقربة ، أن رئيس الوزراء المكلف د. كامل إدريس يحمل في سِفر وزاراته المتوقع وزارة للمغتربين في خطوة بالغة الدلالة، استحداث وزارة تعنى بشؤون المغتربين، تحت نظر ومباركة رئيس الوزراء المكلف الدكتور كامل إدريس. وهي لعمري خطوة لا يمكن النظر إليها إلا بوصفها انتصارًا للعدالة، واعترافًا رسميًا بدورٍ محوري طالما لعبه السودانيون في المهاجر العربية والغربية .
فلقد ظل المغترب السوداني، على مدار عقود مضت وما يزال ، ركنًا ركيناً في معادلة الاقتصاد الوطني، ومصدرًا دائمًا للدعم المالي والاجتماعي والمعنوي. وهو الذي اغترب لا هروبًا من الوطن، بل حبًا له وسعيًا لحمل أمانته في قارات الدنيا، متمثلًا ذلك في إبراز القيم السودانية النبيلة والأخلاق الحسنة ، كالكرم، والنبل، والتفاني.
ويُقدَّر عدد السودانيين في الخارج بما يتراوح بين 5 إلى 6 ملايين مغترب، بحسب تقديرات وزارة الخارجية السودانية والجهاز المركزي للإحصاء، ينتشرون في أكثر من 120 دولة، وتُعد دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، من أكبر الوجهات. وتبلغ تحويلاتهم السنوية – بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي – نحو 4 إلى 6 مليارات دولار، وهو رقم يتجاوز في بعض السنوات إيرادات القطاعات الإنتاجية مجتمعة.
وقد آن لهذا المغترب أن يحظى بجهاز حكومي يرتقي إلى طموحاته، ويخاطب قضاياه، ويُنصف تطلعاته. فكم من مغترب عاد إلى وطنه ليجد نفسه غريبًا في الإجراءات، والتعاملات، والخدمات. وكم من قصة مؤلمة تجسدت في معاناة المغتربين في استثمار مدخراتهم أو في تعليم أبنائهم أو حتى في دفن أحبائهم. فأن يصبح جهاز المغتربين وزارة كاملة الصلاحيات، فهذا تحولٌ نوعيٌّ يستبطن رسالة وطنية هامة مفادها أنتم في قلب الدولة، لا في حوافها .
كما أن هذه الخطوة تحمل بعدًا رمزيًا عميقًا. فهي إعلان صريح بأن الدولة السودانية الجديدة تريد أن تبدأ من حيث يجب أن تبدأ لا من حيث إنتهى الآخرون من ردّ الاعتبار إلى من وقف معها حين اشتدّ الخطب وادلهمّ الخطر. وهي أيضًا تعبير عن فهمٍ سياسي راقٍ مفاده أن التنمية لا تُنجز من الداخل وحده، بل تتطلب تضافر الداخل والخارج، أبناء الوطن ومن حملوه معهم في الغربة في حقائبهم، وعلّقوه في قلوبهم.
لقد أثبتت التجارب أن المغتربين السودانيين كانوا بحقّ سفراء غير رسميين لبلادهم إذ بنوا المدارس والمستشفيات والمساجد، رعوْا الضعفاء والمحتاجين، وأسهموا في حمل راية السودان عالية في المؤسسات الأكاديمية والمهنية الدولية. وفي كثير من البلدان، كانت الكفاءات السودانية عنوانًا مشرفًا ومصدر فخر، وبوابة أمل لأوطانهم.
إن استحداث وزارة للمغتربين ليس لفتة سياسية وكفى ، إنما هي خطوة استراتيجية يجب أن تتبعها سياسات واضحة، ورؤية متكاملة، وآليات تنفيذ عادلة. المطلوب ليس فقط وزارة بمبنى وموظفين، بل عقل دولةٍ يفهم هذه الفئة، ويتحدث لغتها، ويجعل منها ركيزة حقيقية في بناء سودان ما بعد الحرب، وما بعد التشظي.
فإن صدقت التنبؤات فقد أحسنت الحكومة صنعًا، وأصاب الدكتور كامل إدريس التقدير في محله. فلأول مرة، يعلو صوت المغترب في مؤسسات الدولة لا مناشدة، بل تمثيلًا. وهذه بداية العدّ التنازلي لعهدٍ من اللامبالاة وبداية صعودٍ لعهدٍ من التقدير وإن لم تصدق .. فإليك سيدي رئيس الوزراء مقترحاً ينفع ولا يضر بإذن الله

..Elhakeem.1973@gmail.com

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات