السبت, أغسطس 2, 2025
الرئيسيةمقالاتتحرير الخرطوم كسر القيد ووأد المؤامرة .. ...

تحرير الخرطوم كسر القيد ووأد المؤامرة .. بقلم/ د.إسماعيل الحكيم..


ما أن أعلن الجيش السوداني الأبي عن تحرير الخرطوم من قبضة مليشيا آل دقلو المتمردة ، حتى ارتفعت رايات العز خفّاقة في سماء الوطن الغالي ، وتحقق النصر الموعود الذي انتظره الشعب بصبر الأبطال وإيمان الصادقين. إنها لحظة مفصلية لم تشهدها الخرطوم وحدها ، بل خفق لها قلب السودان كله بالداخل والخارج ، إذ تم وأد أخطر مؤامرة عرفها تاريخه الحديث ووثقتها أفعال المليشيا ، مؤامرة كانت تهدف إلى طمس السودان من أطلس الجغرافيا تعاهد عليها الخونة والعملاء من كل حدب وصوب ، كما كانت تسعى جاهدة تلك المؤامرة إلى طمس هويتنا الوطنية وتاريخنا الضارب في أعماق الحضارة وجذور الأثر الباقي .
تحرير الخرطوم ما كان ولم يكن حدثاً عسكرياً مجرداً ، بل كان ميلاداً جديداً لمواطنيها ، وصحوة للأمة بأسرها. وهو فوق هذا وذاك إعلان بأن الوطن لا يُباع ، ولا يُحتل، ولا يُختطف ورجاله حاضرون . لحظة التحرير كانت قلادة فخر على صدر القوات المسلحة السودانية، وكافة التشكيلات الوطنية التي شاركتها هذا الشرف، بعد أن أثبتوا أنهم على قدر الأمانة، وأنهم أوفياء للوعد الذي قطعوه على انفسهم لأهل الخرطوم يوم أن كان الدعم السريع يتبختر بعدته وعتاده كبراً وغروراً “سوف نطهّر أرض العاصمة من دنس المليشيا ونجاستها وقد كان ..
لقد سُقيت أرض الخرطوم بدماء الشهداء الزاكية وامتزج ترابها بنداء الحرية ، فكان تحرير الخرطوم عربونًا للبناء، وميثاقاً للتآخي ونبذاً للفرقة والاختلاف ونهاية للطائفية والقبلية والجهوية وبذرة لعهد جديد عهد النهضة والحداثة والعدالة والنماء . تلك الدماء الطاهرة لم تكن فداءً للتراب فحسب، بل كانت وعدًا بغد أفضل، ورسالة بأن الوطن لا ينهض إلا بالتضحيات الكبرى، ولا يحيا إلا بالكرامة والعزة.
إن ما جرى في الخرطوم هو شهادة ميلاد لوطن جريح سينهض بإذن الله من كبوته، وهو بداية استرداد لكل ما سُلب من أرض وشرف وكرامة وهوية. هي لحظة فاصلة تقول للعالم أجمع: “هذا السودان، لا ينكسر، لا يُهزم، ولا يعرف أبناءه المستحيل”.
فتح الخرطوم وتطهيرها لم يكن نهاية المعركة، بل هو بداية عهد جديد، تتقدم فيه الدولة لتعيد الأمن والأمان وتبني ما هدمته الحرب صروحاً من الكبرياء الأسمى، وتداوي جراح شعبها المعلم ، وتُثبت أن السيادة الوطنية لا تُفرّط فيها الأمم الحيّة.
الخرطوم اليوم، حرة، أبية، شامخة كما كانت من قبل ، تكتب فجرًا جديدًا بمداد الدم والتاريخ، وترفع صوتها عاليًا لا مكان لغادر بعد اليوم ، ولا موطئ قدم لخائن أو عميل ، فالسودان للسودانيين هم من يحدد بوصلته والخرطوم ستظل قلبه النابض بالحياة والكرامة بحول الله وقوته.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات