بين انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين القادم، والأنظار المتجهة نحو قمة بغداد العربية الحالية ، يقف السودان عند زاوية حساسة من تاريخه السياسي والعسكري والدبلوماسي . حيث تتسارع التطورات على أرضه الطاهرة ، وتزداد جرأة المليشيا المتمردة في استهداف المدن الآمنة بالصواريخ والطائرات المسيّرة تقتيلاً وترويعاً، آخرها ما كان باتجاه العاصمة الإدارية بورتسودان ولا يزال ، ومحاولات مماثلة لزعزعة الأمن في مدن أخرى ظلت آمنة مطمئنة . لكن السؤال الأهم الذي يتكرر في كل بيت وشارع سوداني هل ستنصفنا هذه المؤسسات الدولية؟ وهل ستكفينا القمم العربية شرّ التنظير؟
لقد أثبتت التجربة المريرة خلال أكثر من عام من “حرب الكرامة” أن السودان أبو ذر زمانه إذ يقاتل وحده ويذود عن أرضه وعرض حرائره ، نيابة عن مبادئ سيادته وكرامة شعبه .وكانت قرارات مجلس الأمن بيانات قلق وشجب على إستحياء ، بل لم تكن جلساته إلا مسرحاً للنفوذ الدولي المتصارع، حيث تُغلب المصالح الآنية فوق المآسي المتجددة، وتُؤجل العدالة لصالح الموازنات السياسية العرجاء .
أما الجامعة العربية، فقد اكتفت بدور المتفرج المحايد وقد أصابها الصمم والبكم والعمي ، رغم أن الجرح السوداني أصبح حاضراً في كل فضاء وأثير لينزف دماً عربياً يشكو إلى الله الخذلان والتراخي المتعمد .
ومع كل استهداف إرهابي بطائرة مسيّرة أو قذيفة خائنة من المليشيا المتمردة ، يُعيد السودان طرح القضية من جديد ولم يكن طالباً لسلاح أو متسول لنجدة ، إنما يرجو موقفاً أخلاقياً يليق بما قدمه في معركة وجوده معركة الكرامة
فالسودان لا يبحث عن حماية دولية بقدر ما يحتاج إلى احترام دولي لحقه في الدفاع عن دولته وشعبه ..
لكن المؤسف حقاً أن بعض هذه المنصات الدولية لا تزال تختزل معاناة السودان في “نزاع داخلي”، وتتعامى عن جرائم حرب ثابتة تُرتكب جهاراً نهاراً، وعن تهجير ممنهج، وعن مشروع تفكيك للدولة السودانية تقوده مليشيا مرتزقة بلا ولاء ولا إنتماء، وبدعم خارجي مفضوح.
فهل يُعقل أن تظل دولة ذات سيادة ووجود عضو بالأمم المتحدة ، تصرخ في وادٍ لا يُسمع فيه إلا صدى الألم ووجع الضمير ؟
إن مجلس الأمن أمام اختبار سوداني جديد ، وقمة بغداد كذلك . فإما أن ترتفع الكلمات لمستوى التضحيات والجلسات لمستوى الإنصاف ، أو يبقى السودان – كما كان دوماً – وحيداً في الميدان، شامخاً في الكفاح، ثابتاً في الحق، حتى لو خذله العالم بأسره، لكنه منصور من عند الله تعالى بإذن الله تعالى.