عامان مضيا من الحرب، ومدينة الفاشر، لاتزال تمطر عليها بوجه انتقامي، نيران القصف المدفعي دون توقف، تهدف إلى إبادة السكان العالقين في داخل المدينة المحاصرة منذ شرارة الحرب.
الهجمات التي يشنها الدعم السريع على مناطق واسعة في أرياف وقرى الفاشر هجرت مئات الآلاف من الأهالي للنزوح إلى داخل عاصمة ولاية شمال دارفور، بمنهجية تجميع الناس في مكان واحد ومن ثم القضاء عليهم وإبادتهم كلياً، كثمن باهظ للصمود الذي أبداها أحفاد سلاطين دارفور، حيث تعيش الأحياء المختلفة لمدينة الفاشر، تحت صفيح ساخن من النيران، ودوي الانفجارات المستمرة في كل حين.
وما زاد الوضع الإنساني أكثر تفاقماً هو الجوع المتفشي داخل المدينة، والندرة في السلع الأساسية للحياة، وتصاعد إرتفاع الأسعار،أشبه بمتوالية هندسية، مع تسجيل شح في السيولة النقدية، وتوقف الأجهزة الفضائية للإتصالات “الاستارلينك” الميسرة والمسهلة في نظام البيع الإلكتروني، بدواعي أمنية، مع تنامي أزمة جديدة في المياه.
تكدس أعداد هائلة في المدينة المحاصرة، يضع النظام الصحي والبيئي الهش أصلاً، أمام خطورة بالغة التعقيد، فالجوع يؤدي إلى أمراض وإلى وفيات، بجانب مظاهر التبرز في العراء وانتشار نواقل الأمراض كل ذلك تضع حياة الناس في مخاطر جديدة، حال عدم وجود استجابة سريعة وعاجلة لإنقاذ الموقف الإنساني.
التباطؤ في إدخال المساعدات الإنسانية براً أم جواً، مسؤولية تتحملها الحكومة المركزية التي ليس أمامها سوى كسر الحصار المفروض على عاصمة إقليم دارفور لإدخال المساعدات الإنسانية، أوتجري عمليات الإسقاط الجوي، فمعظم المدن والبلدات تسلمت حصصها الإغاثية من الدول المانحة بما في ذلك مدينتي كادوقلي والدلنج اللتين كانتا تحت الحصار أيضاً.
إن كان العامين اللذين انقضا من عمر الحرب حيث تعايش المواطنون معها، من فزاعة المشاهد بتقتيل وفقدان أحبابهم ومعارفيهم بالآلاف، وأسر أبيدت بأكملها؛ فإن من صعوبة بمكان أن يتعايشوا مع الجوع، والمرض اللذين يجانبهما كذلك مدافع الدعم السريع الممطرة على الساكنين في كل حين.
مبادرات كثيرة قادتها شباب الفاشر لفك الحصار عن المدينة، مثل الفاشر لن تقاتل وحدها، القومية تنتصر، أغيثوا الفاشر، لكن دون استجابة ملموسة من قبل الحكومة المركزية، حتى سقط مخيم زمزم للنازحين وزهقت أرواح بريئة، لها الرحمة والمغفرة، ولكن مع ذلك، لا يأس مع الحياة، والأمل معقود بأن تتواصل المبادرات خاصة من أبناء الفاشر في الخارج وكل السودانيين، من واجب مسؤولياتكم الوطنية، والأخلاقية، والإنسانية عليكم تنظيم مسيرات حاشدة في الميادين والشوارع لإيصال صوت المنكوبين، بأن هنالك مليون 800,000 شخص في الفاشر يواجهون خطر الموت بالجوع والقتل بالقذائف المدفعية.