حينما فشلت المليشيا في كسر إرادة الجيش والشعب السوداني في ميادين المعركة، انكفأت إلى ساحة أشد خطورة: محاولة ضرب وحدة السودان من الداخل. أدركت أن قوة السودان ليست في سلاحه وحده، بل في تنوعه وتماسكه الاجتماعي، فراحت تغذي الفتن، وتحرك عملاءها لنشر البلبلة بين القبائل والمكونات المجتمعية.
لكن ما يغيب عن مخططي الفتنة أن السودان بفسيفسائه الاجتماعية والثقافية ليس هشّاً كما يتوهمون، بل هو أقوى بتنوعه. فالتعدد في هذا الوطن ليس مصدر ضعف، بل هو مصدر غنى وقوة. كل قبيلة وكل إقليم يسهم في رسم لوحة السودان الكبير، الذي لا يمكن لأي ريح عاتية أن تقتلع جذوره الضاربة في عمق التاريخ.
ما يحاول الأعداء زرعه من كراهية سيذروه وعي السودانيين الذين باتوا يدركون أن المستفيد الوحيد من تمزيق المجتمع هو العدو نفسه. فحين ينقسم البيت الواحد، تتسع أبواب التدخل الخارجي، ويتحول الصراع إلى مستنقع يصعب الخروج منه.
اليوم وأكثر من أي وقت مضى، ندعو إلى تغليب صوت الحكمة، وإغلاق الآذان عن أبواق الفتنة، ولنعمل معًا على صيانة وحدة السودان كما نصون حدوده. فلن تكون بلادنا لقمة سائغة لمخططات الحاقدين، وسيظل السودان عصيًّا على كل المؤامرات.