الثلاثاء, أغسطس 5, 2025
الرئيسيةمقالاتتحبير الواقع... ...

تحبير الواقع… استقراء لقرار رقم “5” لوالي شمال دارفور بقلم / محمد شعيب

تابعت عن كثب ردود أفعال رواد وسائل التواصل الاجتماعي، الخاص بالقرار المرقم برقم “5” الصادر من والي ولاية شمال دارفور، المكلف، الحافظ بخيت محمد، بشأن محاربة الربا وإحتكار وتخزين السلع الغذائية الضرورية في ظل الحصار الجائر المفروض على المدينة.

وجد القرار إشادة كبيرة من المواطنين وإعتبروه أولى الخطوات في مواجهة تجار الأزمات، مع تكوين آلية للمحاسبة والعقاب بإحالة مخالفي القرار للمحكمة العسكرية، دون توضيح نوعية العقوبة حال مخالفة التجار بزيادة سعر المنتج عن نسبة 10% في المعاملات التجارية عبر النظام الإلكتروني، وفي هذه النسبة التي حددها القرار لاقت بعض الانتقادات من الجمهور المستهلك الذي يأمل بأهمية تصفير فوارق الأسعار بين البيع النقدي والإلكتروني.

ماهو واقع وملموس في أسواق المدينة، الجشع الكبير في التداول الربوي حيث يصل الخصم لنسبة 50% عند عملية استبدال “بنكك بالكاش” أوالنقد، وهي ظاهرة لاتحدث حتى في الدول الربوية الكبرى، فلا يمكن التصور أن يتضخم رصيد “تاجر العملة من المرابين” في ثواني بنسب هائلة، وهو عكس الفلسفة الربوية التقليدية القائمة على منح المستفيد مبالغ معينة مع إبداء إلتزام بتسديدها في فترة زمنية محددة وبفائدة ربوية وفقاً للشروط المبرمة بين المرابين، وحتى هذه العملية، كما هو معلوم، محرمة للمسلمين بالنص القطعي.

ولحوجة مواطني الفاشر للحصول على النقد، وتفادي ممارسة الربا بشكل مباشر؛ اضطر البعض إلى استخدام عملية “بيع الكسر” حيث يقوم الشخص بشراء أية سلعة من السلع الضرورية عبر النظام الإلكتروني بسعر يقرب إلى ضعفه مقارنة بالبيع النقدي، ومن ثم البحث عن طرف ثالث لبيعها له بسعر أقلّ من سعر السلعة المعروضة في السوق بالنقد، بمعنى أن “محتاج الكاش” يخسر مرتين في عملية البيع والشراء، ما يترك غبينة كبيرة في صدره.

أما الخطوة التي تعزز من فرص نجاح القرار، كخطوة إسعافية في ظل الحصار الجائر، كما أشرنا في مقالنا السابق تحت عنوان:” الحل عند المالية الاتحادية” هي أهمية إسقاط الجوي للكتل النقدية من بنك السودان المركزي لمقابلة رواتب العاملين بالدولة من القوات العسكرية والنظامية والموظفين، في ظل توقف خدمة الإنترنت، أضف إلى ذلك عدم تمتع شرائح واسعة للعاملين في الدولة من حسابات مصرفية، إنزال سيولة نقدية، بطبيعة الحال، يخلق واقعاً جديداً يقضي على مظاهر ممارسة الربا. وفي هذا كشف أحد الصيارفة، في مناسبة رسمية إجتماعية، عن مساعي حثيثة بالمركز لمعالجة أزمة السيولة النقدية بالفاشر خلال الفترات المقبلة.

ويكمن الرهان الأكبر بانجاح القرار أمام المواطنين بالتعاطي الإيجابي بموجهات القرار والتبليغ الفوري للمخالفين، حيث تتضح هنالك نوعية العقوبة الرادعة والناجزة التي لم يشر إليها متن القرار. ويأمل المواطن كذلك من السيد الوالي المكلف بإصدار قرار ولائي برقم “6” بذات الآلية القوية، يقضي بموجبه بمحاربة مظاهر السرقات أو”الشفشفة” المتفشية بمنازل المواطنين.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات