تصدر المجالس والمنصات سعادة العميد الركن..موسى محمد خير أبو لكيلك الملحق العسكري لسفارة السودان بليبيا.. ففي لحظة تاريخية فارقة من عمر السودان الجريح، حين ضاقت الأرض بأبنائه، واشتدت وطأة الحرب عليهم ، وأصبح النزوح واقعًا مفروضًا على الآلاف من الأسر، تبرز مواقف خالدة لا تصدر إلا عن رجالٍ أدركوا أن الانتماء ليس شعارًا ولا أمنيات ، بل سلوك وقيم ومسؤولية.
في هذا السياق، سجّل الملحق العسكري السوداني في الجماهيرية الليبية، العميد الركن موسى محمد خير ، موقفًا وطنيًا وإنسانيًا يستحق أن يُسطّر بماء الذهب وأن تستضئ به صفحات التأريخ ، حين بادر إلى استضافة عدد من طلاب وطالبات الشهادة الثانوية السودانية الفارّين من جحيم الحرب في داره بكل رحابة صدر وإنشراحة صدر ، فكان لهم الأب والمعلم، والسند والمعين، في وجه قسوة الغربة وضيق الحال.
لم ينتظر تكليفًا، ولم تحركه الأوامر العسكرية ، بل دفعه الواجب الأخلاقي والوطني، ففتح أبوابه واحتضن أبناء بلده، ليس ليؤمّن لهم مكانًا آمنًا فحسب، بل ليحافظ على مستقبلهم ، ويعزز فيهم الأمل ويصون كرامتهم.
لقد جسّد العميد الركن موسى محمد خير ، في مبادرته هذه معاني النبل السوداني الأصيل، وأعاد إلى الأذهان صورة السودان التي يعرفها العالم شهامة، ونخوة، ورجولة، وتكافل لا يُكسر حتى في أعتى الظروف وأقسى اللحظات .
وفي الوقت الذي يعاني فيه السوداني داخل الوطن وخارجه من ضيق المعيشة وانقطاع الأمن بسبب الحرب التي فجّرتها مليشيا آل دقلو الإرهابية، تبقى القيم السودانية عصيّة على الانطفاء. فرغم الألم، لم يتراجع الإيمان بالعلم كطريق وحيد للنهضة، ولم تغب روح النجدة، التي ظلّت حاضرة في مواقف الأفراد والمؤسسات على حدٍّ سواء. فالسوداني، حيثما كان، لا ينسى أهله، ولا يخذلهم، ولا يترك أبناء وطنه فريسة للضياع.
هذه المبادرة النبيلة، وإن كانت في ظاهرها فردية، فإنها تمثل رسالة عميقة إلى الداخل والخارج
أن أبناء السودان يدٌ واحدة على من سواهم، وأنّ هذا الشعب، برغم شتاته، لا يزال متماسكًا، وواعيًا بدوره، ومصممًا على صناعة مستقبله رغم الحرب والخذلان.
وتزداد دلالة هذه الخطوة إنسانيةً ووطنيةً عندما نُدرك أنها تمت في الأراضي الليبية، وفي ظل واقع سياسي لا يخفى على أحد، حيث تقف سلطات شرق ليبيا، بقيادة حفتر، موقفًا عدائيًا تجاه السودان، وتقدم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا مفضوحًا لمليشيا آل دقلو الإرهابية.
ولا يزال مثلث العوينات الحدودي شاهدًا حيًا على تواطؤ تلك الجهات، وتحويله إلى ممر لتغذية الفتنة، وتخريب استقرار السودان عبر المليشيات العابرة للحدود.
ولكن على الرغم من هذا السياق المعقّد، يثبت السوداني أنه أكبر من الجغرافيا، وأقوى من الطعنات، وأن ضميره الجمعي لا يُشوّه، ولا تنال منه الخناجر، وإن جاءت من خاصرته.
فالعميد موسى محمد خير ،، بموقفه النبيل، قدّم للعالم أجمع صورة حقيقية عن السودان، وعن القيم التي لا تنكسر، وعن أمةٍ تقاوم بالعلم، وتنتصر بالأخلاق.
إن هذه المبادرة ليست موقفاً إنسانياً عابراً ، إنما هي رسالة سياسية وثقافية ووطنية ودبلوماسية مفادها أن السودان، ورغم النزيف، لا يزال حيًا نابضاً بالأخلاق الكريمة ، وأن أبناءه، مهما تباعدت بهم المسافات، يجتمعون تحت راية واحدة راية الكرامة والعلم والمستقبل المؤدية إلى الوحدة والتماسك والقوة ..