بعد أن ناقشنا في مقالاتنا السابقة كيف أن الفساد يمثل عائقًا أمام التنمية، وتحدثنا عن التهرب الضريبي وسوء إدارة الدولة، علينا الآن أن نتساءل: هل المشكلة فقط في المؤسسات، أم أن المجتمع نفسه يلعب دورًا في ترسيخ هذه الظواهر؟
- المجتمع.. الركيزة الأساسية للتغيير
لا يمكن لأي إصلاح أن ينجح دون أن يكون للمجتمع دور فاعل فيه. صحيح أن القوانين الصارمة والرقابة الجيدة تحدّ من الفساد، لكن إذا لم تتغير ثقافة المجتمع تجاه الفساد، فسيظل يجد طرقًا للانتشار. بعض العادات الاجتماعية تُسهم في ترسيخ الفساد، مثل:
التسامح مع المخالفات الصغيرة، كالرشوة البسيطة لإنجاز المعاملات بسرعة.
تمجيد الشخص الفاسد إذا كان يساعد أقاربه وأصدقائه.
عدم التبليغ عن الفساد بسبب الخوف أو عدم الثقة في النظام القضائي.
- كيف يمكن للمجتمع أن يحارب الفساد؟
الإصلاح الحقيقي يبدأ عندما يرفض المجتمع الفساد بكل أشكاله، وذلك من خلال:
تغيير النظرة للمال العام: فهو ملك للجميع، وأي تهاون في حمايته يضر بالمجتمع بأكمله.
تعزيز قيم النزاهة والشفافية في التربية والتعليم، فالأطفال الذين ينشؤون في بيئة نظيفة سيكبرون ليكونوا مواطنين مسؤولين.
تشجيع ثقافة المحاسبة، بحيث يصبح من الطبيعي أن يُسأل أي مسؤول عن مصادر أمواله وقراراته.
دور وسائل الإعلام والمجتمع المدني في كشف الفساد وتعزيز وعي الناس حول خطورته.
- هل يمكننا التغيير؟
التجارب العالمية تثبت أن الدول التي نجحت في تقليل الفساد لم تعتمد فقط على القوانين، بل غيّرت ثقافة المجتمع تجاه الفساد. يمكن للسودان أن يسير في هذا الاتجاه إذا اتحدت الجهود بين الحكومة والمواطنين لإعادة بناء قيم النزاهة والشفافية.
رسالة اليوم:
“كل إصلاح يبدأ من الفرد، ومن ثم المجتمع، ثم الدولة. إذا أردنا سودانًا جديدًا، فعلينا أن نغير أنفسنا أولًا.”