يُشير مصطلح المتعاونيين مع مليشيا الدعم السريع إلى الأفراد المدنيين الذين يقدمون دعماً مباشراً أو غير مباشر للمليشيا المتمردة في عملياتها العدائية الموجهة ضد الشعب السوداني والجيش القومي، ويتخذ هذا التعاون أشكالاً متعددة،تتراوح بين المشاركة القتالية المباشرة سواءً بصفة منتظمة أو عفوية أو متقطعة، وتشمل الاعمال الهجومية والدفاعية التي تؤدي إلى إلحاق الموت أو الإصابات أو تدمير الاعيان المدنية المحمية ، وبين الدعم غير المباشر من خلال تقديم المعلومات الاستخباراتية للعدو ،والتسهيلات اللوجستية،والمساهمة في حملات التجنيد والتعبئة ، أو تقديم دعم فكري وسياسي للمليشيا ،وبسبب هذا التعاون ينظر الى هؤلاء الافراد نظرة سلبية، إذ تُعد أفعالهم خيانة للوطن.
يتحدد التوصيف القانوني لهؤلاء الافراد بناءً على طبيعة أدوارهم ومدى تاثيرهم في العمليات القتالية ، فإذا اقتصر دورهم على جمع ونقل المعلومات الاستخباراتية دون الانخراط المباشر في العمليات العسكرية، فإنهم يُصنَفون بالعملاء أو المخبرين المتواطئين مع العدو،في هذا الشكل من التعاون لا يجوز إستهدافهم مباشرة في العمليات العسكرية ،طالما أنهم لم يشاركوا بشكل فعلي في الأعمال العدائية وعلى مدى الوقت الذي يقومون خلاله بهذا الدور ، أو عند توقفهم عن المشاركة المباشرة إستناداً للمادة (51/3) من البروتوكول الإضافي الاول لإتفاقيات جنيف والتي أصبحت قاعدة عرفية،بالإضافة إلى معايير الدليل التفسيري الصادر عن اللجنة الدولية للصليب الاحمر ،ومع ذلك يتعرضون لتدابير قوية في إطار إنفاذ القانون الجنائي خاصة في ظل غياب السلطات المدنية القادرة على تنفيذ هذه المهام في مثل تلك الظروف ، وقد يستدعي الامر إحتجازهم من قبل القوات المسلحة ،إذا شكًلوا تهديداً مباشراً للأمن القومي ،على أن يخضعوا بطبيعة الحال لضمانات إجراءات المحاكمة العادلة في إطار القانون الوطني.
وإذا أنخرط المتعاونون في أعمال تجعلهم يمارسون وظائف قتالية ،فإنهم يفقدون الحماية التي يمنحها لهم القانون الدولي الإنساني ويصنفوا بالمقاتلين غير الشرعيين مما يجعلهم أهدفاً مشروعة للهجمات العسكرية إستناداً لإتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب،التي حددت المدنيون بانهم الأشخاص الذين لم يعودوا منتمين إلى القوات المسلحة أو المليشيات المسلحة التابعة لأحد أطراف النزاع ويشمل ذلك أفراد المقاومة المسلحة أو المشاركين في هبة جماعية أو الجماعات المسلحة المنظمة غير الحكومية التابعة لاحد أطراف النزاع،كما يشمل فئة الموظفين المرافقين للمحاربين وهم (أفراد الخدمات الطبية والدينية ،ووحدات الدفاع المدني الصحافيين،والمتعاقدين من القطاع الخاص كأفراد أطقم الطائرات الحربية،ومتعهدي التموين،الذين يؤكل إليهم القيام بتقديم خدمات لوجستية ليست لها علاقة بالعمليات الحربية ،بشرط عدم مشاركتهم المباشرة في العمليات العدائية ،إضافة الى الاجانب المتواجدون على أرض أحد أطراف النزاع،أو في الاراضي المحتلة، اللاجئون، المحتجزون والمعتقلون.
ويقاس فقدان الحماية القانونية بمعيار طبيعة العمل الذي يسلكه المتعاون وليس صفته الشخصية، فكل من يشارك في أعمال تؤدي إلى إلحاق الموت أو الإصابات او تدمير الأعيان المدنية المحمية يفقد وضعه باعتباره شخصاً مدنياً ويصبح هدفاً مشروعاً للهجمات العسكرية،ومع ذلك هناك منطقة رمادية يصعب التمييز فيها بين المشاركة في العمليات العدائية وجرائم العنف الأخرى،خاصة عند تحديد مدى ارتباط هذه الأعمال بالمجهود الحربي للمليشيا ،الذي يفقد المتعاون الحماية من الهجمات المباشرة،وعلى سبيل المثال ،قيام افراد مدنيين بتزويد المليشيا بإحداثيات لضربات مدفعية تستهدف السكان المدنيين،فإنه يصبح جزءاً من العملية القتالية،إذ لا يقتصر دوره على تقديم معلومات، بل يرتقي إلى المشاركة الفعلية،خاصة إذا كانت هذه المعلومات تُستخدم لتوجيه أنظمة أسلحة بعيدة المدى تُحدث أضراراً مباشرة بالسكان المدنيين أو البنية التحتية الحيوية.
ويتطلب تحديد المسؤولية الجنائية للمتعاونين مع مليشيا الدعم السريع فهماً دقيقاً لدورهم وتأثيرهم في النزاع ،فبينما يتمتع البعض بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجوم المباشر في حالة عدم إنخراطهم بشكل مباشر ،طالما أن تصرفاتهم لا تحدث ضرراً إلا بطريقة غير مباشرة ،ويمكن مساءلتهم جنائياً عن أفعالهم التي ارتكبوها سواءً بالإشتراك أو التحريض أو المعاونة وفقاً لاحكام المادة (25/3) من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية،التي تُعد من قواعد القانون الجنائي الدولي العرفي والمقروة مع المواد (25/التحريض)، (26/المعاونة)من القانون الجنائي الوطني، وعند تورطهم في أعمال عسكرية مباشرة يفقدون الحماية ويصبحون عرضة للاستهداف والمحاسبة.
ونظراً للتعقيدات القانونية والامنية المرتبطة بمثل هذا النوع من النزاع ،يظل من الضروري التمييز بين الأدوار المختلفة التي يؤديها المتعاونون لضمان تطبيق القانون بشكل عادل ومتوازن.