الثلاثاء, مارس 11, 2025
الرئيسيةمقالاتدولة آل دقلو..حلم لن يتحقق الركابي حسن يعقوب

دولة آل دقلو..حلم لن يتحقق الركابي حسن يعقوب

أعلن الهادي إدريس رئيس ما يسمى بالجبهة الثورية المكونة من عدد من القوى السياسية والحركات المسلحة وعلى رأسها ميليشيا آل دقلو عن تأجيل التوقيع على ما سمي بالميثاق السياسي، والذي بموجبه سيتم تشكيل الحكومة الموازية في مناطق (سيطرة) الميليشيا.

وقال الهادي في مقابلة له مع قناة الجزيرة إنهم لن يوافقوا على أي أجندة لتقسيم السودان لأن التقسيم لن يوقف الحرب بل سيزيد اشتعالها على حد تعبيره.

لا أدري إن كان الهادي إدريس هذا يعي ما يقول أم أنه يتعمد الكذب والتضليل، أم أنه (مخموم)!! فالهدف الأساسي من هذا الميثاق المزعوم هو جعله مرجعية لتشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية القائمة حالياََ برئاسة البرهان والتي تمارس أعباءها السيادية والتنفيذية والقضائية بصورة طبيعية، وتحظى باعتراف دولي أسوة ببقية دول العالم على نحو لا يحتاج إلى تأكيد أو تفصيل.

وتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الميليشيا التي إنحسرت رقعتها وتناقصت وتقلصت بشكل كبير خلال بضعة أشهر فقط لتقتصر فقط على ولايتي جنوب وغرب دارفور، لا يعني غير شيء واحد فقط وهو فصل إقليم دارفور وهو ما يعني تقسيم السودان، هذا هو الهدف الأساسي من الحكومة الموازية المراد تشكيلها.

وهي حلقة جديدة من حلقات مسلسل الفشل والتخبط وارتجال المواقف التي أدمنتها ميليشيا آل دقلو وشلة السياسيين المتحالفين معها ومن ورائهم الكفيل الذي أعيته الحيلة نتيجة للفشل المستمر لكل مخططاته فأصبح يتخبط ويعتمد على منهج التجربة والخطأ.

بدأ المخطط بالاستيلاء على السلطة بالقوة صبيحة 15 أبريل 2023 وبسط السيطرة على كامل الدولة السودانية، لكن كان نصيب هذا المخطط الفشل الذريع. لكن كانت آمالهم في تحقيق نصر مزعوم تتطاول نتيجة لإصرار الكفيل ورهانه على عدة عوامل محلية واقليمية ودولية لكنها كلها باءت بالفشل.

تمددت الميليشيا خارج العاصمة الخرطوم إلى ولاية الجزيرة للإيحاء للخارج بأنهم مسيطرون على أجزاء واسعة من البلاد تتيح لهم بعض الإعتراف وتتيح لهم التفاوض من موقف قوة.

لكن فشلت هذه الخطة أيضاً بسبب تتابع الهزائم على الميليشيا والتي توجت بالقضاء عليها وإخراجها مهزومة مدحورة من ولاية الجزيرة وأجزاء من ولاية سنار والنيل الأبيض وتبع ذلك نجاح الحملة التي شنتها القوات المسلحة والقوات المساندة لها على الميليشيا في ولاية الخرطوم والقضاء على 95٪ من قواتها واستعادة المواقع الحيوية التي كانت تحت سيطرتها وما تزال تتقدم بعمليات تمشيط واسعة لتنظيف ما تبقى منها.

ولم يتبقى في يد الميليشيا الإرهابية الآن سوى تواجد ضعيف محاصر في دارفور في نيالا والجنينة ومحاولات يائسة منها للاستيلاء على الفاشر ردت كلها على أعقابها وتكبدت فيها الميليشيا خسائر كبيرة.

وإنكمش مشروع آل دقلو المدعوم من الخارج من حكم كل السودان إلى الطمع في حكم إقليم دارفور بعد السيطرة عليه وفصله عن السودان.

هذه هي الورقة الأخيرة في يد الميليشيا والكفيل، وهي ورقة محروقة ما عادت مجدية ولن تتحقق على أرض الواقع بإذن الله، ثم بفضل تلاحم كل قطاعات الشعب السوداني ووقوفهم مساندين للجيش والقوات المشتركة والمستنفرين والتي ظلت تلحق الهزيمة تلو الأخرى بالميليشيا وتحول دون انفتاحها أو تقدمها لكسب أراضٍ جديدة تساوم بها.

إن إسقاط الفاشر هو في الحقيقة الرهان الذي تعول عليه الميليشيا لإعلان دولتها في إقليم دارفور، وليس مجرد تشكيل حكومة فقط.
وهو رهان خاسر بالنظر إلى حالة الإنهيار المتسارع للميليشيا في جبهات القتال ومقتل عدد كبير من قادتها الميدانيين وتشتت قواتها وعجزها التام عن اقتحام الفاشر وصعوبة تدفق الإمدادات إليها.

هذا فضلاً عن أن مشروع إقامة دولة في إقليم دارفور هو مشروع فاشل لن يرى النور بل يحمل داخله عناصر فنائه وفشله، فإقليم دارفور ليس ملكاََ لإثنية بعينها ولا خشم بيت صغير غارق في الجهل والغباء.

إن إقليم دارفور طيف متعدد المشارب متنوع الإثنيات متسع الثقافات، وما آل دقلو ورهطهم إلا نذراََ يسيراََ لا وزن له أمام في هذا الطيف الكبير الذي ناصبوه العداء وارتكبوا في حقه جرائم شهد بها العالم كله وهم الآن يقفون صفاََ واحداََ ضد هذا المشروع يدافعون عن وحدة السودان وبقاء دارفور كجزء لا يتجزأ من الدولة السودانية ولا يرتضون أن يقعوا تحت طائلة حكم ميليشيا آل دقلو الوحشية التي لا دين لها ولا أخلاق ولا معرفة لها بطرائق الحكم ولا استعداد لها للتعايش مع الآخر بسلام.

هو مشروع لا أقول أنه سيولد ميتاََ، بل لن يولد أصلاََ، لن تتمكن الميليشيا وراعيها الرسمي من قهر إرادة وعزيمة الشعب السوداني الذي صبر وصابر ورابط مع قواته المسلحة طيلة أشهر الحرب حتى تمكنت من دحر الميليشيا وإلحاق الهزيمة بها.

إن الشعب السوداني الذي أفشل مشروع آل دقلو الكبير لحكم السودان كله، لقادر على إفشال مشروعهم الصغير لحكم إقليم دارفور وإقامة دويلة فيه تابعة لعائلة صغيرة فذلك من دونه خرط القتاد.

إن نموذج جنوب السودان لن يتكرر مرة أخرى، وإن كانت الميليشيا ومخلبها السياسي يتأسون بتجربة الحركة الشعبية فالفرق كبير والبون شاسع بينهما، ففصل جنوب السودان لم يتم بالقوة، بل باتفاقية شاملة بشهود دوليين وباستفتاء حر اختار فيه سكان الجنوب بكل مكوناتهم الإستقلال وهو ما لا يتوفر في حالة دارفور التي تقف مكوناتها المختلفة – ما عدا أقلية آل دقلو – مع وحدة السودان وترفض رفضاََ باتاََ دعاوي الإنفصال.. فحركات الكفاح المسلح في دارفور منذ ظهورها على الساحة السياسية وبمختلف توجهاتها لم يكن تقرير المصير أو فصل دارفور ضمن أجندتها السياسية بل إنحصرت أجندتها في مطالب تتمحور حول التوزيع العادل للثروة والسلطة والتنمية المتوازنة في إطار السودان الواحد.

إن إقامة دولة في دارفور هو مجرد أحلام يقظة ووهم يعشعش في رؤوس حفنة من السياسيين العاطلين وما تبقى من فلول آل دقلو لن يتحقق وسيتبدد كما تبدد حلمهم بحكم السودان كله.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات