صاحبُ شأن بين أهله من الأثرياء في المنطقة كل مانزل في دار أستقبله أهلها بالترحاب والكرم ، حلو اللسان ومع ذلك أميٌ لم ينل حظه من التعليم ، أراد احد الوافدين إلى المنطقة من المتعلمين أن يوجه ثروة الرجل لمنحاها الصحيح فحل على صاحبنا ضيفاً بداره وطرح عليه فكرة تأسيس مدرسة لتعليم الأطفال تحمل اسمه وأن يتكفل هو بإحضار أساتذة يشاركونه التدريس من المدينة فوافق على الفور وشرع في تأسيس المدرسة حتى رأت النور من فكرة إلى صرح شامخ بعد عام .
ولأن غالب أهل القرية غير متقبلين لفكرة التعليم ويشتغلون بالزراعة والرعي ويرون أن التعليم من منقصات الرجولة وخروج عن الأدب بالنسبة للإناث، وكمحاولة لتشجيع الأهالي لإلحاق أبنائهم بالمدرسة بدأ الرجل بنفسه فسجل أبنائه من زوجاته الصغريات واحفاده ليكون اللبنة والأساس للدفعة الأولى للطلاب بالمدرسة ومن ثم تبعته بعض الأسر وهي تلحق أطفالها بمقاعد الدراسة على مضض.
وذات يوم دخل صاحبنا مدرسته وألقى خطبة عصماء على الطلاب ومن تجلياته ناشد الأساتذة بتقوى الله وأوصى الطلاب بالحفاظ على الصلوات فضحك أحد أحفاده الخارجين عن طوعه بالعناد ضحكاً كاد أن يلقيه على وجهه من كثرة الضحك فسأله الأستاذ عما يضحكه فقال الحفيد ببراءته(بضحك علي جدي الما بصلي وبياكل حق الناس وبوصي فينا بالتقوى والصلاة والله عامل زي العريان وبكسي في غيرو).
ما كنت أود التعليق على خطابات ريبورت المليشيا التي أصبحت فاقدة للروح والمذاق والرائحة فهي علف منتهي الصلاحية لقطيع أوشك على الهلاك ولكن استوقفتني مناشدته للأشاوس المولين للدبر أمام الزحف الأخضر لأصحاب الحق “يا أشاوس قبل كل معركة أتوضو وأتحصنو” فتذكرت في هذه اللحظة مقولة “فاقد الشيء لا يعطيه” ففاقد الخلق الحسن من الاستحالة أن تستقي منه هذا الخلق وأن الفاقد للعلم المتصف بالجهالة يستحيل أن يمنحك ما ينمي علمك ومعرفتك وأن الفاقد للمال من أين يعطي إذا أراد وعلى هذا قس فإن كان الأشوس قائد الأشاوس لايملك ما اوصى به فكيف بحال التابعين له من غير هدى.
فالوضوء طهارة جسد والتحصين طهارة القلب وهاتين الصفتين في تضاد مع ما أحله هؤلاء المرتزقة الأوباش بأهل السودان من جرائم لا إنسانية تتعارض جملةً وتفصيلاً مع الشرائع السماوية قبل القوانين الإنسانية فزعيم مليشيا آل دقلو الإرهابية ينطبق عليه قولاً وفعلاً حديث الحفيد لجده “عريان وبكسي في غيرو”…لنا عودة.