حالة التماسك والوحدة والالتحام ما بين الشعب وقواته المسلحة بكافة تشكيلاتها والقوات المساندة لها في الوقت الحالي ، هي حالة فريدة من نوعها لم تشهدها الدولة السودانية من قبل منذ الإستقلال.
هذا التأييد والمساندة والالتفاف حول هذه القوات من كافة قطاعات وجماهير الشعب السوداني إلا من فئة قليلة مارقة ما كان له أن يتحقق لولا وعي هذه الجماهير وإدراكها الذكي والمبكر لأبعاد ومرامي ومنطلقات هذا العدوان الخارجي الذي ارتضت ميليشيا آل دقلو الإرهابية أن تقوده كمخلب قط ضد الشعب السوداني نيابة عن الأجنبي.
هذا التماسك ينبغي الحفاظ عليه بنفس القوة وبنفس الصلابة التي هو عليها الآن والذي تلوح فيه بشائر النصر المبين والفتح القريب في الأفق، تجسيداََ لشعار (جيش واحد شعب واحد).
المرحلة الراهنة هي أصعب وأخطر المراحل ، مما يتطلب من الجميع اليقظة والانتباه ، سيحاول العدو وأعوانه بالداخل التسلل إلى الصف الوطني للفت في عضده ونثر بذور الانقسام والشقاق وسطه كخطوة يائسة لإحداث شرخ وثغرة فيه للتخفيف من وطأة وثقل الهزيمة التي تطوق العدو الآن من كل حدب وصوب.
المطلوب من كل مكونات الجبهة الوطنية العريضة التي تساند الجيش والقوات الأخرى المقاتلة في صفه ضد شرذمة وفلول ما تبقى من ميليشيا آل دقلو وأذيالها من المرتزقة ، المطلوب منهم المزيد من التماسك والتقارب والوحدة وتقديم المدد المعنوي والمادي لهذه القوات لتمكينها من توجيه الضربة الأخيرة القاضية للميليشيا وطي صفحتها إلى الأبد بإذن الله.
هذه ملحمة وطنية ينبغي على كل من يحمل حباََ لهذا الوطن، ويستشعر انتماءاََ لترابه ، وولاءاََ لأرضه أن يكون له سهم فيها كل بما في وسعه واستطاعته فلا يتخلفن أحد عن هذا الشرف ولو بكلمة، والكلمة سلاح ماضٍ و فتاك.
والمطلوب من الحكومة أن تسدد وتقارب ولا تفرق بين أحد من مكونات الصف الوطني المساند لها وتبتعد عن كل ما يمكن أن يحدث خللاََ في هذا الصف وهذا البنيان المرصوص ، بل عليها أن تجعل من هذا البنيان مرجعية لها ومنطلقاََ لقراراتها في الشأن الداخلي والخارجي، فالحكومة القوية هي تلك التي تعبر عن تطلعات وآمال ومطالب واتجاهات جماهيرها وتتبناها وتتماهى معها.
من المتوقع في الأيام القليلة القادمة أن تتعرض الحكومة إلى ضغوط خارجية كبيرة ، من دوائر أجنبية عبر دول صديقة ووسطاء اقليميين ، تدعو إلى وقف الحملة العسكرية وعمليات التمشيط والنظافة لما تبقى من جيوب المليشيا، ضغوط ظاهرها فيه الرحمة ،وباطنها مصادرة النصر الذي تحقق وإنقاذ الميليشيا وإيجاد موطئ قدم لها في المشهد السياسي ما بعد الحرب، بمعنى إدخال الميليشيا وذيلها السياسي من الشباك بعد أن عجزوا عن الدخول بالباب.
ولتحذر الحكومة، ولتعد لهذا الأمر عدته، فهو مدعاة لبث الفرقة والانقسام داخل الصف الوطني الذي هو الآن في حالة إجماع على الإستمرار في حملة القضاء على الميليشيا واستئصالها لآخر مرتزق فيها وعدم السماح لها باعتلاء مسرح السياسة والحياة العامة في البلاد مرة أخرى وإلى الأبد.
هذا ما هو عليه الشعب السوداني الآن فلتكن الحكومة معبرة عن هذا الإجماع مذعنة له لا تحيد عنه قيد أنملة وفاءاً لهذا الشعب صاحب الحق الأصيل وإليه يرجع قرار إيقاف الحرب أو استمرارها.
إن الذين قدموا أرواحهم فداءاََ للوطن من عسكريين ومدنيين ، والضحايا الذين سقطوا شهداء بنيران الميليشيا الغاشمة والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق ونهبت ممتلكاتهم وانتهكت أعراضهم والذين شردوا وأصبحوا نازحين ولاجئين هم أصحاب الحق والقرار الحقيقيين فلا ينبغي تجاوزهم مهما عظمت الضغوط ، ومهما جاءت من قريب كانت له يد سلفت أو دين مستحق، أو شفيع يطاع ، أوصديق حميم ترعى مودته ، فمودة الشعب أحق أن تراعى وحقوقه أولى أن تصان وتؤدى.
لقد أكدت الحكومة مراراََ وتكراراََ وعلى لسان رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ألا تفاوض مع الميليشيا وجناحها السياسي وكل من تعاون معهما ، وأنه لا مكان لهم في مستقبل السودان وهو تأكيد واضح وجازم وتعهد لم يتم النكوص عنه حتى الآن وهي محمدة تحفظ لهذه القيادة الرشيدة ، ويتطلع الشعب السوداني إلى إنفاذ هذا التعهد والمضي به إلى غاياته حتى النهاية.
إن الدعوة إلى التفاوض ووقف الحرب في هذا التوقيت هي كلمة حق يراد بها باطل ، فطبيعة هذه الحرب التي أوقدت نارها الميليشيا وذيلها السياسي لا تقبل القسمة على 2، ولا تجدي معها أنصاف الحلول، ولا يتم حسمها إلا بالبندقية فهي اللغة التي يفهمونها ولا يفهمون لغة غيرها أبداََ.
أي صوت يعلو في هذا الوقت داعياََ إلى التفاوض فهو صوت نشاز ومنكر ولا يمثل إلا الميليشيا وذيلها وأجدر ألا يلتفت إليه ولا يؤبه به، وأي شفاعة من أي جهة ينبغي أن ترد على صاحبها فما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.