من يخبر البرهان بتجربة الجزائر وسوريا ..؟!
عندما سقط النظام الجزائري بعد الاحتجاجات التي اندلعت في فبراير من العام ٢٠١٩ – أعلن قائد الجيش حينها عن تسلم السلطة وعن إجراءات عاجلة وحاسمة أولها( المحافظة على الدستور وثانيها لا شراكة ولا حوار للمؤسسة العسكرية مع الأحزاب والجماعات السياسية وثالثها لا تأجيل للانتخابات ) ؛ وعلى الشعب أن يختار من يحكمه في انتخابات سريعة تسبق أي إجراءات متعلقة بالنظام السابق بما فيها تفكيك التمكين ؛ ولم يستحب رئيس أركان الجيش لأي ضغوطات أو فزاعات كانت ترددها القوة السياسية أيا كانت نسبة موضوعيتها ..!!
مع العلم أن الثورة الجزائرية كانت متزامنه مع الثورة السودانية إن قبلنا جدلا بهذه التسمية .. أنظروا أين الجزائر وأين السودان ؟ أنظروا كيف تصرف الجيش الجزائري وكيف تصرف الجيش السوداني ؟ فالأول حافظ على البلاد وحمى الدستور وأنهى الانتقال في ستة أشهر فقط ! والثاني شارك بعض التنظيمات السياسية وقليل من الناشطين ؛ وفتح البلاد للسفارات والمنظمات ، وقاد البلاد إلى حرب مدمرة قضت على الأخضر واليابس وما زال قائده مترددا في تعيين رئيس حكومة ..!!
وفي سوريا لم تمض على المعارضة القادمة من الشتات والمهاجر والخارجة من سجون النظام لم يمض عليها سوى خمسة عشر يوما حتى عيّنت رئيس وزراء وشكلت المجلس بما فيه وزراء الدولة ؛ وعادت الحياة إلى طبيعتها ولم يتأثر النظام المصرفي ولم تقم فيها لجان للتشفي ومطاردة الخصوم السياسيين برغم أن النظام كان قاتلا وفاجرا في الخصومة – وهو على عكس فترة الإنقاذ التي كانت فيها المعارضة شريكة في الحكم وكانت موجودة بالداخل وقليل جدا منهم من أصابه أذى ..!!
الجزائر وسوريا محميتان بارادة شعوب جبارة وبمقدرات نخب وطنية فاعلة لذلك لم تستطع السفارات والمنظمات أن تدخلهما في دوائر فارغة كالتي أدخلتنا فيها ، قادة جيش الجزائر كانوا بعيدين عن الطموحات السياسية لذلك لم يشاركوا الأحزاب في السياسة وكذلك قادة المعارضة السوريين لم يكونوا عملاء أو خونة ولم يكونوا جهلة حتى يدخلوا بلادهم في دائرة صفرية لا تنتج إلا جحيما ..!!
صفوة القول
من يخبر البرهان بالتأمل في هذا التاريخ ليتعلم منه كيف ينقذ القادة بلدانهم وكيف يتخذون القرارات الجريئة والقوية ؟ من يخبر البرهان بأهمية تشكيل حكومة فاعلة من شخصيات وطنية ذات كفاءة ؛ من يخبره بأن الشعب لم يعد ينتظر من الأحزاب والجماعات السياسية الفاشلة والمخترقة والضعيفة اتفاقا ، الشعب يريد قائد قوي يتخذ القرارات الصعبة .. هذا أو الطوفان والله المستعان.