الخميس, أكتوبر 30, 2025
الرئيسيةمقالاتبَيْنَ اليَقِينِ وَالأَمَلِ وَالفَقْدِ: ثِقَةٌ فِي اللهِ أَنَّ النَّصْرَ حَقٌّ، وَعْدٌ… وَرَد...

بَيْنَ اليَقِينِ وَالأَمَلِ وَالفَقْدِ: ثِقَةٌ فِي اللهِ أَنَّ النَّصْرَ حَقٌّ، وَعْدٌ… وَرَد بقلم الكاتبة والإعلامية/ عبير نبيل محمد


في صَمْتِ اللَّيْلِ وَهَدِيرِ الرِّيَاحِ، نَسْمَعُ نِدَاءَ أَرْوَاحٍ غَادَرَتْ أَجْسَادَهَا، لَكِنَّهَا لَمْ تُغَادِرْ وَجْدَانَ الوَطَنِ.
شُهَدَاؤُنَا الَّذِينَ ارْتَقَوْا بَيْنَ دُمُوعِ الأَرْضِ، تَرَكُوا بَصْمَةً لَا تُمْحَى عَلَى تُرَابِ الفَاشِرِ،
أَرْوَاحٌ صَاغَتْ مَعْنَى الشَّجَاعَةِ فِي وَجْهِ الظُّلْمِ، وَأَثْبَتَتْ أَنَّ حُبَّ الوَطَنِ أَغْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

نَتَرَحَّمُ عَلَيْهِم، وَنَرْفَعُ قُلُوبَنَا بِالدُّعَاءِ،
أَنْ يَتَقَبَّلَهُمُ اللهُ فِي عِلِّيِّينَ،
وَيَجْعَلَ دِمَاءَهُمْ شُعْلَةً تُنِيرُ طَرِيقَ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ نَحْوَ الصُّمُودِ وَالثَّبَاتِ وَالنَّصْرِ المَحْتُومِ.


🔹 وُجُوعُ البِدَايَاتِ… وَصَوْتُ الأَمَلِ

اليَوْمَ يَكْتُبُ قَلَمِي رَغْمَ كُلِّ الأَحْزَانِ،
يَشُقُّ طَرِيقَهُ دَاخِلَ أَرْضٍ سَكَنَهَا غُرَابُ الحُزْنِ،
وَلَوَّنَ تُرَابَهَا نَهْرٌ مِنَ الدِّمَاءِ،
دِمَاءٌ صَارَتْ خِضَابَ النَّصْرِ وَالعِزَّةِ،
وَمِنْ بَيْنِ ظُلْمَةِ الجِرَاحِ يَرَى الوَطَنُ نُورًا وَفَجْرَ خَلَاصٍ.

أَنَا ابْنَةُ وَطَنٍ عَزِيزٍ شَامِخٍ،
كُلُّ جُرْحٍ فِيهِ عَلَامَةُ قُوَّةٍ وَنَصْرٍ،
وَكُلُّ دَمْعَةٍ سَقَطَتْ عَلَى تُرَابِهِ أَنْبَتَتْ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْ صُلْبِ الكِبْرِيَاءِ.
لَسْنَا شَعْبَ بُكَاءٍ، بَلْ شَعْبٌ حَمَلَ الدَّمْعَ فِي كَفٍّ وَالسِّلَاحَ فِي الأُخْرَى.
نَكْتُبُ بِحِبْرِ النَّارِ، وَنَحْلُمُ بِفَجْرٍ يُولَدُ مِنْ بَيْنِ الرَّمَادِ،
فَالوَطَنُ لَا يَمُوتُ، وَإِنْ تَكَسَّرَتْ قُلُوبُنَا فَوْقَ أَطْلَالِهِ.


🔹 وُجَعُ الوَطَنِ وَأَمَلُ النَّصْرِ

رَغْمَ أَنَّ الجَمِيعَ الآنَ فِي حُزْنٍ عَمِيقٍ،
وَكُلَّ ثَانِيَةٍ نَفْقِدُ فِيهَا نَفْسًا، وَتَئِنُّ تِلْكَ الأَرْضُ وَجَعًا عَلَى أَبْنَائِهَا جَمِيعًا،
مَهْمَا كَتَبْتُ اليَوْمَ مِنْ كَلِمَاتٍ تُعَادِلُ الفَقْدَ وَتُوَاسِي وَلَوْ قَلِيلًا،
فَلَا تُوجَدُ كَلِمَةٌ فِي كُلِّ الحُرُوفِ العَرَبِيَّةِ تُعَبِّرُ عَنْ أَلَمِنَا المُشْتَرَكِ.

حَتَّى لَوْ فَقَدْنَا السَّيْطَرَةَ وَأَعْلَنَّا الصُّرَاخَ،
فَالدُّمُوعُ لَمْ تَتَوَقَّفْ، وَخَيْبَةُ الأَلَمِ تَقْتُلُ القُلُوبَ.
كُلُّ الفَظَائِعِ وَالجَرَائِمِ جَعَلَتْ مَعْنَى الرُّجُولَةِ يَنْحَنِي وَيَنْكَسِرُ.

وَلَكِنِّي رَغْمَ كُلِّ شَيْءٍ،
أَحْمِلُ دَاخِلِي ثِقَةً عَظِيمَةً فِي اللهِ،
أَنَّ النَّصْرَ قَادِمٌ بِإِذْنِهِ،
وَأَنَّ مَا حَدَثَ وَحَّدَنَا جَمِيعًا دُونَ تَفْرِقَةٍ.

لَنْ أَبْكِي فُرْسَانًا جَاهَدُوا حَتَّى آخِرِ نَفَسٍ،
وَلَنْ أَبْكِي الَّذِينَ هُمْ الآنَ فِي جِنَانِ الرَّحْمَنِ،
بَلْ أَبْكِي الأَرْضَ، وَأَضَعُ تُرَابَهَا عَلَى رَأْسِي.

إِنْ لَمْ أَكُنِ ابْنَةَ السُّودَانِ، فَمَنْ أَنَا؟
هَذِهِ الإِبَادَاتُ اسْتَنْهَضَتْ هِمَمَ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ، وَفَجَّرَتْ غَضَبَهُ،
وَبِحَوْلِ اللهِ سَيَتَحَوَّلُ هَذَا الغَضَبُ إِلَى صَلَابَةٍ وَبَأْسٍ شَدِيدٍ فِي مُوَاجَهَةِ المِلِيشِيَا.
وَالأَيَّامُ بَيْنَنَا.


🔹 قُوَّةُ الشَّعْبِ وَصُمُودُ الفَاشِرِ

إِنَّهَا جِرَاحُ الفَاشِرِ الَّتِي تَنْزِفُ دَمًا وَدُمُوعًا، وَلَكِنَّهَا جِرَاحُ وَطَنٍ لَا يُكْسَرُ،
وَجِرَاحُنَا تَحْكِي قِصَّةَ صُمُودِ كُلِّ قَلْبٍ مِنْ أَبْنَاءِ هَذَا الشَّعْبِ العَظِيمِ،
قِصَّةً لَا تُكْتَبُ إِلَّا بِحِبْرِ العَزِيمَةِ وَبِعِطْرِ حُضُورِ كُلِّ مَنْ وَقَفُوا فِي وَجْهِ الظُّلْمِ.

دِمَاءُ الشُّهَدَاءِ لَا تَزَالُ دَافِئَةً، تُنَادِي مِنْ تَحْتِ التُّرَابِ أَلَّا نَنْكَسِرَ، وَأَلَّا نَتَرَاجَعَ،
وَأَنْ نَرْفَعَ الرَّأْسَ عَالِيًا كَمَا رَفَعُوهُ هُمْ،
وَأَنْ نَمْلَأَ كُلَّ كَلِمَةٍ هُنَا بِعِطْرِ حُرُوفِهِمُ المُضِيئَةِ.

صَمَدَ أَهْلُ فَاشِرِ السُّلْطَانِ فِي وَجْهِ حِصَارٍ بَرْبَرِيٍّ غَاشِمٍ،
وَقَاتَلُوا بِبَسَالَةٍ يَعْجِزُ الوَصْفُ عَنْ بُلُوغِهَا،
وَأَنَا أَرَى فِي كُلِّ جُنْدِيٍّ مِنْهُمْ انْعِكَاسَ رُوحِي،
وَفِي كُلِّ امْرَأَةٍ صَابِرَةٍ عِطْرَ كَلِمَاتِي،
فَنَحْنُ مَعًا نَبْنِي مِنَ الأَلَمِ قُوَّةً، وَمِنَ الدُّمُوعِ صَلَابَةً لَا تُقْهَرُ.

لَنْ يُهْزَمَ شَعْبٌ يَدْفِنُ أَبْنَاءَهُ وَاقِفِينَ،
وَيُؤَدِّي صَلَاةَ الفَجْرِ عَلَى رُكَامِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى القِتَالِ،
وَأَنَا مَعَهُمْ بِقَلَمِي وَبِصَوْتِي، أَحْمِلُ حُضُورَهُمْ فِي كُلِّ حَرْفٍ،
لِأَرْوِي كَيْفَ يَصْنَعُ الشَّعْبُ المَجْدَ مِنْ رَمَادِ الأَلَمِ،
وَكَيْفَ تَتَحَوَّلُ كُلُّ دَمْعَةٍ إِلَى سَيْفٍ وَدِرْعٍ وَحِصْنٍ يَحْمِي الوَطَنَ.

المَأْسَاةُ تَجَاوَزَتْ حُدُودَ الإِغَاثَةِ،
فَالمَوْتَى لَا يَأْكُلُونَ، وَلَكِنَّ الأَحْيَاءَ يَأْكُلُونَ الأَلَمَ صَبْرًا لِيَحْيَا الوَطَنُ.
وَهُنَا، فِي كُلِّ سَطْرٍ، فِي كُلِّ كَلِمَةٍ،
يَتَنَفَّسُ صَوْتُ الأُمَّهَاتِ، وَنَصْمُدُ بِصُمُودِهِم،
لِتُصْبِحَ وَحْدَتُنَا صَوْتَ الوَطَنِ الَّذِي لَنْ يَنْكَسِرَ أَبَدًا.


✦ سَلَامٌ وَأَمَانٌ، فَالْعَدْلُ مِيزَانٌ ✦

✦ توقيعٌ لا يُنسَى ✦
أَنَا الرِّسَالَةُ حِينَ يَضِيعُ البَرِيدُ،
أَنَا الصَّوْتُ حِينَ يَصْمُتُ النِّدَاءُ،
أَنَا ا امْرَأَةٌ مِنْ حِبْرِ النَّارِ.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات