الجمعة, أكتوبر 24, 2025
الرئيسيةمقالاتندى الحروف ...

ندى الحروف إبراهيم محمدنور معاناة العائدين

غابوا عن السودان سنوات، ثم عادوا يحملون شوقًا للاستقرار في وطنٍ تسوده العدالة ويُحكم بالقانون، لكنهم وجدوا وطنًا ولم يجدوا دولة.
بعد اندلاع الحرب، اضطر ملايين السودانيين إلى اللجوء لدول الجوار تاركين خلفهم منازلهم المنهوبة وممتلكاتهم المفقودة، وفي المنافي المؤقتة اضطروا لشراء أثاثات جديدة على أمل العودة بها إلى وطنهم بعد توقف الحرب،واستبشر الجميع خيرًا عندما أصدرت إدارة الجمارك قرارًا بإعفاء الأثاثات للإستخدام من الرسوم الجمركية تشجيعًا لعودة المواطنين واستقرارهم.
لكن المفاجأة المؤلمة كانت عند وصول الشحنات، إذ فوجئ المواطنون بفرض رسوم جمركية جديدة دون إعلان أو توضيح مسبق، فاختلطت عليهم الإجراءات وضاعت الثقة في القرارات، وفي منفذ أرقين تحديدًا، ظهرت إجراءات غريبة، منها أن يُجمع عفش عددٍ من المواطنين في قائمة واحدة باسم شخص واحد، وكأنهم تجار أثاثات، ليُحتسب عليهم الرسم على هذا الأساس!
أيُّ عدلٍ هذا؟ وأيُّ منطقٍ يجعل المواطن الذي فقد كل شيء يُعامل كالتاجر أو المستثمر؟
أين دور الدولة في تحفيز مواطنيها على العودة؟ وكيف يُعقل أن يُنهب المواطن على يد الجنجويد في الحرب، ثم يُرهق من جديد عند بوابة وطنه؟ هل هذا هو جزاء من تمسك بأمله في السودان رغم الألم؟
إننا نناشد إدارة الجمارك أن تراجع هذه الإجراءات فورًا، وتُفعّل قرار الإعفاء فعليًا، وأن تُصدر تعميمًا واضحًا يزيل اللبس ويؤكد إعفاء الأثاثات الشخصية للمواطنين العائدين. فليس من العدل أن يُصبح المواطن ضحيةً في الحرب وضحيةً في السلم أيضًا.
السودان اليوم في حاجة إلى احتضان أبنائه لا إلى إثقال كواهلهم، فالمواطن الذي عاد بعد أن فقد كل شيء لا يستحق العقاب بل يستحق الدعم.
من يبني الوطن هم هؤلاء الذين رغم الألم، ما زالوا يحلمون بعودته أجمل مما كان.
ارحموا هذا الشعب الذي لم يتوقف يومًا عن الحلم بوطنٍ يحتضنه.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات