الأربعاء, أكتوبر 15, 2025
الرئيسيةمقالاتزاوية خاصة ...

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة الهالك وود عيش الريف… تشابهت الوجوه وضاع المعنى

لا أود أن أخوض في حديث زعيم عصابة “الشفشافة” الهالك حميدتي ، الذي تناقلته بعض الوسائط على استحياء ، لأنه فاقد البريق واللون والطعم… لا يرقى حتى لمستوى النقاش ، فهو أقرب إلى ونسة نسوان من شاكلة قالت لي وقلت ليها ، حديث باهت ، أشبه بما يُروى في الحكايات السودانية عن ود عيش الريف ، الزول البحب الكلام أكتر من الشاي بالحليب.

كان ود عيش الريف يجمع الناس كل يوم تحت شجرة النيم ، ويبدأ يخطب فيهم ويتحدث عن بطولات وهمية صنعها في خياله ، تارة يقول “أنا الفارس الذي يحمي عروضكم ، وتارة اخرى ، أنا سيف الصاقعة وانا سند الواقعة، وانا مطر العينة البروي الارض ، فيضحك الناس عليه ويتهامسون سراً ، خُشَّ يا ود عيش الريف ، الكلام ما بدفع إيجار ولا بيشبع جوع.

بعد سماع خطاب الهالك ، لم أجد فرقًا بين ود عيش الريف وذاك الرجل ، سوى أن الأول كان يتحدث من تحت شجرة النيم ، أما الثاني فكان يرسل ونساته عبر الوسائط ، نفس الحكاية… كلام كتير بلا معنى، وصوت عالي بلا مضمون.

وفي واحدة من المشاهد الواقعية التي تختصر مأساة هذا الاسم ، كانت هناك امرأة بسيطة تعمل في السوق ، ومعها ابنها الصغير الذي أطلق عليه الناس اسم حميدتي قبل أن يظهر كمتمرد إلى السطح ، كان الولد سريع الحركة خفيف اليد ، فصار الاسم لقبًا له.
لكن بعد أن تمرد ذاك القاتل ، تغيّر كل شيء ، صار الاسم عبئًا يوجع الأذن والقلب معًا.

وذات يوم ، نادى أحد بائعي الشاي على الطفل قائلاً: “يا حميدتي… تعال ، فقامت أمه غاضبة ، تشتعل في عينيها نار الحزن والرفض ، وبلغة اليوم ردحت لبائع الشاي ، حمو يخليك تجدع تبوك يا يابا ، أبوه كان تاجر حمير ، ولا حرامي ولا كتال كتلة ، ولا سراق ولا مغتصب ، تنبذ ولدي قدّامي؟ سكت كتير ، وتاني مابسكت ، ولدي لا كضّاب ولا عويش بتاب ، لكن تناديهو بحميدتي؟ لا ، وعلى حين زعلة ، أمسكت بكفتيرة الشاي ورمتها على الرجل ، فنجا منها بأعجوبة.

تلك الواقعة الصغيرة تختصر كيف تحوّل اسم الهالك إلى لعنةٍ تمسّ كل من تُلصق به ،صار رمزًا للقتل والتشريد ، للنزوح والاغتصاب والإذلال ، لا يجرؤ السودانيون على ذكره إلا مقرونًا بالغضب أو الحسرة أو اللعنات ، اسمٌ كان يُطلق مازحًا على طفلٍ بريء ، صار اليوم مرادفًا للخيانة والدم والعار ، هكذا تختصر الحكاية مدى الكره الذي اصبح يكنه هذا الشعب لمن تجاوز كل الخطوط الحمراء…لنا عودة

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات