.
يطلّ علينا المولد النبوي الشريف كل عام، ليس لانه مناسبة دينية نتبادل فيها التهاني فحسب، إنما كحدث عظيم يوقظ في الأرواح القيم ويُشيع في النفوس الفضائل ويبعث على أحسن الأخلاق. هو ميلاد النور الذي أضاء للإنسانية دروبها، ميلاد الهادي البشير، الرحمة المهداة، صلوات ربي وسلامه عليه.
إن الاحتفال الحقيقي بمولده الشريف ليس في الزينة ولا في مظاهر الفرح العابرة، وإنما في استحضار رسالته، والعمل بمنهجه، والسير على خطاه. فميلاده هو ميلاد رسالة العدل والأسوة، ومولد الكلمة الصادقة التي حاربت الظلم والباطل، وهو إعلان أبدي أن الرحمة والحق يمكن أن يجتمعا في قائد واحد وفي أمة واحدة، وأن الإصلاح يبدأ من إحياء الضمائر قبل إصلاح العمران.
ورغم قسوة الحرب التي تفتك بأرض السودان، ورغم الجراح المفتوحة وتداعياتها الثقيلة، أبى أهل السودان إلا أن يحتفلوا بمولد نبيهم الكريم. حيث خرجت الألسن بالصلوات تعظيماً وامتلأت القلوب بحب المصطفى فرحاً وسروراً ، وكأنهم أرادوا أن يرسلوا للعالم كله رسالةً قوية مفادها أن حب محمد صلى الله عليه وسلم لا يُطفئه لهيب حرب ولا تُعطّله مؤامرات، وأن الفرح بمولده هو جزء من عقيدتهم الراسخة وثوابتهم التي لا تتبدل.
لقد أراد أعداء السودان أن يطفئوا نور الدين، وأن يزرعوا العلمانية في تربةٍ طاهرة لم تعرف إلا الإسلام ديناً ومرجعيةً ومنهجاً. لكنهم جهلوا أن قلوب السودانيين معلقةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن محبته تسكن وجدانهم، وأن أي مشروع يناقض هذا الانتماء الروحي والديني محكومٌ عليه بالسقوط قبل أن يولد.
إن المولد في السودان لم يكن مجرد مناسبة تقليدية، بل كان إعلاناً جماعياً أن الدين هو هويتنا، وأن حب النبي هو عهدٌ لا ينقض، وأن كل مؤامرات الخونة تحت أقدام أبناء هذا الشعب الأبي.
فالتحية لأهل السودان وهم يُجدّدون الولاء للنبي الكريم، والتحية لكل من أيقن أن النور الذي أشرق في مكة لن تنطفئ شمسه ما دامت القلوب تنبض بالصلاة والسلام على خير الأنام. Elhakeem.1973@gmail.com