الإثنين, أغسطس 11, 2025
الرئيسيةمقالاتتحولات مرتقبة في المشهد الدولي: توقعات سياسية ذات دلالات استراتيجية. ...

تحولات مرتقبة في المشهد الدولي: توقعات سياسية ذات دلالات استراتيجية. ✍️بقلم/ د. لؤي عبد المنعم

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي، تبرز مجموعة من التوقعات السياسية التي وإن بدت مفاجئة للبعض، تحمل في طياتها مؤشرات على تحولات عميقة في مواقف الدول الكبرى تجاه قضايا مركزية في الشرق الأوسط وأفريقيا. هذه التوقعات تنبع من قراءة دقيقة لمعادلات القوة، وتبدلات المصالح، وتصاعد الضغوط الأخلاقية والإنسانية على الفاعلين الدوليين.

الولايات المتحدة: تحولات في الخطاب الأخلاقي والسياسي

  • مع تنامي الادانات الحقوقية العالمية للابادة الجماعية التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، و الضغط الشعبي والإعلامي الأمريكي المستند على استطلاعات الرأي الداعمة لحل الدولتين، خاصة بين الشباب واليسار التقدمي، وفي ظل تصاعد الأصوات داخل الكونغرس والمجتمع المدني التي تطالب بمراجعة الدعم غير المشروط لإسرائيل، بعد توصيف الوضع في غزة بأنه كارثة إنسانية تقع مسؤوليتها على عاتق اسرائيل، الى جانب رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في انهاء الحروب الخارجية و التي عبّر عنها مرارًا، و تركيزه على شعار (أمريكا أولاً)، يتوقع أن يتبنى ترامب المعروف بمواقفه غير التقليدية خطابًا أكثر إنسانية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا على (حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره)، ورافضًا حرمانه من مقومات الحياة الكريمة من غذاء وتعليم وعلاج. هذا التحول سيكون بمثابة إعادة تموضع أخلاقي في السياسة الأمريكية تجاه إحلال السلام في الشرق الاوسط، و إنهاء الصراع التاريخي، باقناع إسرائيل بأن أستدامة أمنها مرتبط بقيام دولة فلسطينية مكتملة السيادة، و لها سلطة على المعابر و ادارة المسجد الأقصى.
  • في السياق السوداني، تشير التوقعات إلى موقف حازم من ترامب تجاه مليشيا الدعم السريع، حيث يُتوقع أن يصنفها كمنظمة إرهابية ارتكبت جرائم إبادة جماعية بحق الشعب السوداني، مع دعوة واضحة لوقف دعمها الإقليمي، خصوصًا من دولة الإمارات. هذا الموقف يعكس إدراكًا متزايدًا لخطورة المليشيات العابرة للحدود على الأمن الإقليمي والدولي.

روسيا: تأكيد على السيادة السودانية ورفض التدخلات

  • من المتوقع أن يصدر عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين موقف داعم للسيادة السودانية اكثر حسما للتدخل الخارجي بترحيبه توقيع معاهدة دفاع مشترك بين البلدين، مؤكدًا أن السودان دولة حليفة لروسيا، ورافضًا أي تدخل خارجي يمس وحدة أراضيه. هذا الاتجاه سيعزز بلا شك من موقع السودان في معادلة التحالفات الدولية، ويمنح موسكو نفوذًا إضافيًا في منطقة القرن الأفريقي ووجود أكثر حضورا في البحر الاحمر.

المواقف الإقليمية والدولية: نحو إدانة الإبادة ودعم الاستقرار

  • جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي يُتوقع أن يوجها نداءً مشتركًا إلى مجلس الأمن الدولي، يدعوان فيه إلى وقف تمويل أعمال الإبادة بحق الشعبين الفلسطيني والسوداني، في خطوة تعكس تنامي الوعي الجماعي بمخاطر التلاعب الجيوسياسي بمصائر الشعوب.
  • أما على مستوى القوى الدولية غير الغربية فتشير التوقعات إلى تقارب غير تقليدي يضم الصين، روسيا، إيران، تركيا، مصر يتجه نحو دعم مرشح غير تقليدي (ترامب) لجائزة نوبل للسلام، تقديرًا (لجهوده في إطفاء الحروب واحترام إرادة الشعوب)، الى جانب كل من باكستان و كمبوديا و ارمينيا و اذربيجان التي دعمت ترشحه للجائزة. هذا التوجه من شأنه أن يعيد تعريف مفهوم السلام في السياق الدولي، بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية، و ينزع فتيل اي حروب مستقبلية باردة كانت أو ساخنة، بعد فشل المقاربات الغربية في إنهاء النزاعات، و في ظل الحاجة إلى نماذج جديدة للسلام ترتكز على احترام إرادة الشعوب، وليس فرض الحلول من الخارج.

مصالحة آسيوية وتكامل أوراسي

  • في شرق آسيا، الانتخابات الأخيرة في تايوان أفرزت قيادات أكثر براغماتية، ما يعزز فرص التهدئة مع الصين، و عليه يُتوقع أن يصدر عن الرئيس الجديد لتايوان خطاب تصالحي تجاه الصين، على ضوء تركيز سياسة ترامب على الداخل الامريكي، و تنامي قدرات الصين الاقتصادية و التقنية و العسكرية بشكل متسارع يصعب تجاهله، يؤكد فيه أن (ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم)، و يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، قائمة على المصالح الاقتصادية المشتركة والروابط الثقافية.
  • وفي أوروبا الشرقية، نتيجة الإنهاك العسكري والاقتصادي بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، هناك مؤشرات على رغبة متزايدة لدى الجانبين في إنهاء الصراع عبر تسويات اقتصادية و سياسية، خاصة مع تراجع الدعم الغربي لاوكرانيا، و في هذا الاطار من المرجح ان تقود (وساطة أمريكية صينية) الى تحول جذري عبر تولي السلطة في أوكرانيا رئيس جديد، حيث يُتوقع أن (يرحب بقيام تكامل اقتصادي) يطوي نهائيا صفحة الصراع الروسي الأوكراني، ويعيد رسم خريطة التحالفات في المنطقة.

السودان: انتصار الدولة واستعادة المبادرة

  • أخيرًا، على ضوء سير العمليات العسكرية لصالح الجيش و تنامي الدعم الاقليمي و الدولي للسودان يُتوقع أن يعلن رئيس مجلس السيادة السوداني قريبا عن انتصار الشعب والجيش على المليشيا الإرهابية، مع دعوة وطنية شاملة لبناء الوطن دون إقصاء، وامتنان للدول التي ساندت السودان في محنته. هذا الإعلان سيكون نقطة تحول في مسار الدولة السودانية نحو الاستقرار السياسي والمصالحة الوطنية الشاملة.

هذه التوقعات، وإن بدت طموحة، تستند إلى مؤشرات واقعية من تصاعد الضغوط الدولية، وتبدل أولويات القوى الكبرى بتركيزها المتنامي نحو ترتيب البيت الداخلي من اجل فتح أسواق جديدة في ظل احتدام المنافسة الاقتصادية عالميا، وتنامي الوعي الشعبي والرسمي بمخاطر الاستقطاب والصراعات العبثية. و عليه فان تحقق هذه التصريحات سيكون بمثابة إعادة تشكيل للخطاب السياسي العالمي، نحو مزيد من الإنصاف، واحترام إرادة الشعوب، وتغليب منطق السلام على منطق الهيمنة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات