الخميس, أغسطس 7, 2025
الرئيسيةمقالاتندى الحروف ...

ندى الحروف حكومة الأمل: خريطة مدنية لبناء السودان بعد الحرب بقلم/ إبراهيم محمدنور

“ما ضاع وطن، ما دام فيه من يؤمن أن الخراب ليس نهاية الطريق.”
قال رسول الله ﷺ”إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها.”
(رواه أحمد)
في خضم ركام الحرب، ووسط رماد المدن المحترقة، وقلوب المواطنين المثقلة بالألم، وُلدت في السودان “حكومة الأمل”، بقيادة البروفيسور كامل إدريس، كأول حكومة مدنية بعد نكبة الحرب التي اندلعت في أبريل 2023.
حكومة اختارت أن تبدأ من الصفر، بسلاح الكفاءة لا البندقية، وبراية السلام لا الولاءات، وبخطط علمية لا شعارات عاطفية.
كامل إدريس، خبير القانون الدولي والرئيس الأسبق للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، لم يكن يومًا لاعبًا في الساحة السياسية التقليدية.
لكنه عاد إلى السودان من بوابة “الضرورة الوطنية”، حين عيّنه الفريق عبد الفتاح البرهان رئيسًا للوزراء في مايو 2025، في لحظة وصفها كثيرون بـ”الفرصة الأخيرة” قبل الانهيار الكامل.
🔹 “حكومة الأمل”.. التسمية لم تكن صدفة
اختار إدريس أن يُسمي حكومته بـ”حكومة الأمل”، إيمانًا منه بأن الأمل هو أول شروط البناء، وأنه لا يمكن الخروج من أنقاض الحرب دون رواية جديدة يُؤمن بها المواطن.
وقدّم رؤية متكاملة لنهضة السودان ترتكز على:
الأمن، الرفاه، والعيش الكريم لكل سوداني.
الحكم الرشيد، التنمية العادلة، محاربة الفساد، وتوظيف الكفاءات.
إعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة.
“ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين”
🔹 وزارات على مقاس المرحلة
تضم حكومة الأمل 22 وزارة، تم دمج بعضها واستحداث أخرى، بتركيبة تعتمد على التكنوقراط المستقلين، لا على المحاصصات السياسية.
أبرز الوزارات:
المالية: بخطة طوارئ اقتصادية تشمل تقشفًا صارمًا، وتحفيز الإنتاج الوطني.
الخارجية: لإعادة السودان للأسرة الدولية، واستعادة موقعه داخل الاتحاد الأفريقي.
الطاقة والتعدين: لإعادة تشغيل البنى التحتية، وتحقيق اكتفاء كهربائي تدريجي.
الصحة: بخريطة طوارئ تستهدف المناطق المنكوبة وخدمات متنقلة.
التعليم: لإعادة فتح المدارس ودعم التعليم الرقمي في مناطق الحرب.
الشباب والرياضة: ببرنامج “الأمل في الميادين” لتأهيل الشباب المتأثر بالحرب.
العدل: تأسيس مفوضية العدالة الانتقالية وملاحقة جرائم الحرب.
🔹 هيئات جديدة.. وعقيدة جديدة
ألغى إدريس وزارة الاستثمار، وأنشأ “الجهاز القومي للاستثمار” كجهاز موحّد لجذب رؤوس الأموال، إلى جانب “المفوضية الوطنية لإعادة الإعمار”، التي ستقود عمليات إعادة البناء في الخرطوم ودارفور والجزيرة وجميع الولايات .
كما أسس “المجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي”، مهمته وضع خطط مستقبلية بمقاييس دولية.
🔹 شرق السودان في قلب الخريطة
زار رئيس الوزراء مدينة بورتسودان، والتقى بممثلين من المجتمع المدني، مؤكدًا أن شرق السودان لن يكون هامشًا بعد اليوم، بل جزءًا من معادلة التنمية والقرار.
🔹 تقويم دوري.. ومساءلة لا مجاملة
ولأول مرة في تاريخ السودان، تُلزم الحكومة نفسها بـ”تقييم ربعي” لأداء كل وزارة.
وقد صرّح إدريس:
“أي مسؤول لا ينجز.. يُعفى فورًا. لا مكان لغير المنتجين، ولا عذر بعد الآن.”
🔹 التحديات قائمة.. لكنها لا تُخيف
رغم حفاوة الترحيب الإقليمي والدولي بـ”حكومة الأمل”، إلا أن التحديات ما تزال جسيمة، من:
استمرار الحرب في بعض الولايات،وظهور حكومة موازيةمدعومة من الدعم السريع،ضعف الموارد واتساع رقعة الدمار.
لكن إدريس لا يتحدث عن الهزيمة، بل عن الانتصار البطيء الهادئ، بقوله:
“نحن لا نُعطي وعودًا.. نحن نعمل بصمت، والأمل وحده لا يكفي، لكنه بداية الطريق.”
ربما لا تملك حكومة الأمل جيشًا مسلحًا، لكنها تملك جيشًا من العقول والإرادات الوطنية.
وربما لا تتوفر لها موارد هائلة، لكنها تملك خطة واضحة وشعبًا عطشانًا للتغيير.
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
فهل تنجح هذه الحكومة في إعادة صياغة تاريخ السودان؟
هل يكون إدريس هو أول من ينجح حيث فشل الآخرون؟
الأيام وحدها كفيلة بالإجابة… لكن ما نعلمه يقينًا أن “الأمل بدأ يتحرك، والقطار قد انطلق نحو بناء وطن يسع الجميع.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات