الجمعة, يوليو 25, 2025
الرئيسيةمقالاتالخرطوم ما بعد الحرب – نحو تأسيس مجتمع آمن وواعٍ ...

الخرطوم ما بعد الحرب – نحو تأسيس مجتمع آمن وواعٍ بقلم: عبدالقادر عمر محمد عبدالرحمن


(الملف الأول: الأمن الاجتماعي في الأحياء – المفهوم، الواقع، والمتطلبات)

في أعقاب الحرب التي مزقت الخرطوم، وتحديدًا بعد دحر التمرد وتحرير العاصمة، أصبحت المسؤولية المجتمعية أكبر من أي وقت مضى. فقد أثبتت التجربة المؤلمة أن الأمن لا يُصنع بالسلاح وحده، بل هو نتاج وعي جماعي وتماسك اجتماعي يبدأ من الأحياء، حيث يسكن المواطن وتتشكل القيم.

أولًا: ما هو الأمن الاجتماعي؟

الأمن الاجتماعي هو شعور الأفراد والجماعات بالطمأنينة والاستقرار داخل محيطهم السكني والاجتماعي، وغياب مظاهر التهديد والخوف، سواء من الجريمة أو من السلوكيات المنحرفة أو من غياب الخدمات الأساسية. وهو لا يتحقق فقط عبر الدور الرسمي للأجهزة الأمنية، بل يعتمد بشكل رئيس على يقظة المجتمع وتعاونه وانضباطه الذاتي.

ثانيًا: واقع الأحياء بعد الحرب

لقد خلفت الحرب فراغًا أمنيًا وسلوكيًا في كثير من أحياء العاصمة، وظهرت بعض الظواهر التي تهدد السلم المجتمعي، منها:

انتشار ظواهر النهب والسرقة في بعض المناطق المنعزلة.

ضعف الرقابة الاجتماعية بسبب النزوح والتفكك الأسري.

ظهور سلوكيات عدوانية أو مشوهة لدى بعض الشباب نتيجة فقدان الأمان أو التأثر بالمليشيا.

توقف الأندية والأنشطة الثقافية والاجتماعية التي كانت تمثل منافذ للتربية الإيجابية.

ثالثًا: كيف نعيد الأمن إلى الأحياء؟

  1. لجان الأحياء المجتمعية: ضرورة تفعيل لجان الأحياء لتكون أداة للتواصل بين السكان والسلطات، ولمتابعة أي طارئ أمني أو سلوكي، وتنظيم المبادرات.
  2. نشر الوعي والتربية الوقائية: من خلال المساجد، المدارس، مراكز الشباب، وصفحات التواصل الاجتماعي، نحتاج لحملات منظمة تعيد القيم الأساسية (الاحترام، النظافة، النظام، الحياء).
  3. تأمين الأحياء بإنارة الشوارع وتنظيم الأسواق: لأن الظلام والفوضى يخلقان بيئة خصبة للجريمة.
  4. تشجيع النشاطات الإيجابية: مثل إعادة فتح الأندية الثقافية والرياضية، وتخصيص أيام للنظافة الجماعية أو الدعم النفسي للناجين من الحرب.
  5. ملاحقة السلوكيات السالبة بالقانون والمجتمع معًا: فلا ينبغي التراخي مع المتفلتين والمجرمين، مع الحرص على عدم ظلم الأبرياء.

رابعًا: دور الدولة ووزارة الداخلية

يجب على الدولة أن تعمل على تعزيز الأمن المجتمعي من خلال:

دعم أقسام الشرطة المحلية لتمارس دورها في خدمة المواطن.

إعادة الثقة بين المجتمع ورجال الشرطة.

تنظيم حملات لإزالة المظاهر غير القانونية مثل بيع الوقود في الأحياء، وانتشار السلاح العشوائي.

إصدار قوانين رادعة تحمي المواطن وتحترم كرامته.

ختامًا:

الخرطوم لن تعود فقط بعودة الجيش، بل بعودة القيم، والسلوك، والطمأنينة في الأحياء. المجتمع هو صمام الأمان، والتاريخ لا يرحم من تهاون في لحظة البناء.

فلنبدأ من حينا، من بيتنا، من سلوكنا… لنكن حُماة الخرطوم الجديدة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات