“كانَ في البِدروم… ثُمَّ عبرَ الماء… واليومَ يَرفرفُ كَنسرٍ في سَماءِ العَاصِمَة!”
في مشهدٍ يكاد يُشبهُ الأساطير، يَخرجُ القائد العام للقوات المسلحة السودانية، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة من قلب الخرطوم المشتعلة، من تحت الأرض، من ظلامِ البدروم… يَعبرُ نهر النيل كمن يشقُّ التاريخَ بنفسه، ثم يعود — عائدًا هذه المرة كقائدٍ أعلى للوطن — ليُحلّق على متن الطائرة الرئاسية، فوق سماءِ العاصمة التي لم تُرفع فيها راية هزيمة.
وفي التوقيت ذاته، يظهر الدكتور كامل إدريس، رئيس الوزراء، في لحظةٍ فارقة، ليبعث برسالةٍ مدنية سياسية أخلاقية:
أنّ الوطنَ لا يُبنى بالمساومات، بل بالشراكات الصادقة بين الميدان والفكرة، بين البندقية والقلم، بين الجندي والمدني.
السودان لا يزال حيًا، ينتفضُ من بين الركام، ليُعلن للعالم أجمع أنه قادم من تحت النار لا لينحني، بل لينهض.
وفي اللحظةِ ذاتِها… تتحرّكُ الجبهات.
تندفعُ كتائبُ النصر نحو فكِّ الحصارِ عن الفاشر.
بينما يُحلّق القائدُ فوق سماءِ الخرطوم، تتقدّم القوات السودانية من الشرق والغرب والشمال والجنوب، كالسيل، دون تسمياتٍ منفصلة، لا “مشتركة” ولا “خاصة”…
بل كلّها تحت رايةٍ واحدة: راية الجيش السوداني العظيم.
تتقدّم كتائب البراء، ودرع الشمال، والقوات المشتركة، ومعهم رجالٌ من أطراف الوطن كافة، يحملون على أكتافهم عبءَ الحقيقة ووصية الرفاق. يسيرون نحو الفاشر لا ليقاتلوا فقط، بل ليحرروها من قبضة مليشيا الدعم السريع، تلك الفئة الخارجة عن القانون، التي أحرقت، ونهبت، واغتصبت، وقتلت الأطفال بلا رحمة.
الدعم السريع؟
عدوٌّ صريحٌ للوطن.
خانَ الأرض، وباعَ الشرف، وأحرقَ القرى، وملأ النهرَ بدماء الأبرياء.
لا غفرانَ له…
ولا سكوتَ بعد اليوم على المتواطئين، ولا غطاء لمن صَفّقَ لجرائمه.
“سَنَعودُ والبَنادِقُ في أيدي الرِّجالِ،
والوَطنُ يَعلُو ولا يُغتالُ.”
الفجرُ يَلوحُ في الأُفُق… والفاشر تتحرّر… والسودان ينهض.
ما يجري ليس معركةً فحسب، بل ميلادٌ جديدٌ لأمةٍ أرادوا لها أن تركع، فرفضت.
وما هبوط الطائرة الرئاسية في قلب الخرطوم إلا إعلان عن مرحلةٍ جديدة، لا مجال فيها للحياد أو الخوف.
وما تحرُّك القوات لفك الحصار عن الفاشر، إلا رسالة وطنية خالدة:
أنّ الوطن لا يُهزَم،
وأنّ الحق لا يُطفأ،
وأنّ الشعب إذا قرر… انتصر.
اليوم، السودان يُضمد جراحه،
يَلمّ شتاته،
يَنهض من تحت الرماد،
ويكتب على جدار المجد:
“نحنُ جَيشٌ واحد… وطنٌ واحد… شَعبٌ واحد.”
سلامٌ وأمانٌ… فالعَدلُ ميزان.
توقيع لا يُنسى:
أنا الرِّسالةُ حينَ يَضيعُ البَريد…
أنا امرأةٌ من حِبْرِ النَّار.