لقد أثبتت الشرطة السودانية أنها مؤسسة وطنية خادمة للشعب ، لا تسعى لتسلط عليه ، بل تُنفذ ما يُمليه عليها ضميرها المهني ومسؤوليتها الأخلاقية تجاه هذا الشعب الصابر. حتى يتحقق مفهوم “الشرطة في خدمة الشعب” فلم يعد شعاراً مرفوعاً فحسب ، بل صار نهجًا عمليًا يُترجم على الأرض.
ففي زمنٍ تتعالى فيه الأصوات بحثًا عن مجدٍ إعلامي زائف وصَيْت كذوب ، تظلّ هناك قامات وطنية تعمل في صمت، وتنجز في هدوء، وتُراكم مكاسب الوطن دون ضوضاء أو ادّعاء على رأس هؤلاء، يقف الفريق أول شرطة خالد محيي الدين، المدير العام لقوات الشرطة السودانية، الذي آثر العمل بصمتٍ على الظهور، واختار طريق الخدمة الجادة على دروب الشعارات البراقة .
فعلى صعيد الخدمات الإنسانية، وخاصة الطبية منها، بادرت الشرطة بخطوة تاريخية، حين أعلن مديرها العام أن مستشفيات الشرطة مفتوحة أمام كل المواطنين في جميع الولايات، وأن المؤسسة ملتزمة التزامًا كاملًا بتأهيل هذه المستشفيات وتزويدها بأحدث الأجهزة الطبية لتواكب حاجيات المرضى وتوفير العلاج لهم .
ولم تكن الكلمات وعودًا، بل أفعالًا موثقة مؤكدة ، كما حدث بالأمس في مدينة بورتسودان حيث تم تزويد مستشفى الشرطة بأحدث جهاز للأشعة المقطعية، إضافة إلى جهاز متطور لتفتيت الحصوات دون الحاجة إلى تدخل جراحي. ولعمري، إن هذا الإنجاز ليس تحديث تقني أو دعم فني ، بل رسالة إنسانية بليغة تؤكد أن الشرطة تقف إلى جانب المواطن في السلم كما في الحرب وفي الميدان كما في غرفة العمليات.
إنجازات الشرطة في الواقع، أوسع من أن تُختزل في مقالٍ أو تكتب عمودٍ صحفي فهي أول مؤسسة نظامية بادرت بالانتقال إلى العاصمة الخرطوم بعد تحريرها من دنس التمرد من أعلى قادتها حتى أصغر جندي، في إيمانٍ عميق بأن الحياة لا بد أن تعود تحت بصر وسمع الشرطة ، وأن الدولة لا تموت طالما بقي فيها من يؤمن بها ويخدمها بصدق وإخلاص وتفاني .
وهي المؤسسة التي يقاتل أفرادها جنبًا إلى جنب مع القوات المسلحة مذ إندلاع الحرب وقدمت رتلاً من خيرة أبناءها شهداء دفاعًا عن الوطن لا بحثًا عن مغانم أو ثناء ، بل وفاءً للعهد والوعد وإيمانًا بأن الأمن لا يتجزأ، وأن السيادة مسؤولية مشتركة.
بل الشرطة هي من أعاد كامل بيانات السجل المدني إلى حضن الدولة، بعد أن كانت تحت يد المليشيا المتمردة في واحدة من أهم المعارك غير المرئية، والتي تعني حاضر السودان ومستقبله في آن معاً ..
إن الفريق أول شرطة خالد محيي الدين ورفاقه المياميين ، لا يبحثون عن التصفيق والأضواء ، إنما يبحثون عن خدمة مواطنيهم لذا فهم يستحقون منا ثناءً عاطرًا، وتقديرًا بمساحة هذا الوطن لأنهم يقفون في الصف الصحيح، ويُحسنون العمل حيث لا تلتفت الكاميرات ولا ضجيج الفضائيات ، ويعطون دون أن يطلبوا المقابل.
فتحية بحجم الوطن لكل رجال الشرطة، وتقديرٌ لا يحده حبرٌ ولا سطر، لقائدٍ آمن بفكرة الدولة حين تراجع الكثيرون، ومضى في درب البناء في وقتٍ اختبأ فيه الطامعون خلف العبارات الجوفاء. سدد الله خطاكم وتقبل الله منكم ..