الإثنين, يوليو 28, 2025
الرئيسيةمقالاتعلى نياتكم ترزقون. بقلم: أسامة...

على نياتكم ترزقون. بقلم: أسامة الصادق ابو مهند

تنبع أهمية النية بإعتبارها شرط أساسي مهم في قبول الأعمال وقد دعانا الرسول صلى الله عليه وسلم على إخلاص النية في الأعمال، لتكون مقبولة، من خلال ما ذكرة صلى الله عليه وسلم في هذا المنحنى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) حتى وإن عظم العمل وكان من أعلى المراتب كالجهاد، فليس له من الأجر إلا ما قصده ونواه… روى النسائي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من غزا في سبيل الله ولم ينوِ إلا عقالاً فله ما نوى) شريطة ان الإخلاص حاضراً فإذا كان الإخلاص في عمل موجود فلا شك
إن حركاته وسكناته تحتسب في مرضاة الله، وقد يعجز المرء أحياناً عن التفاعل مع عمل الخير والإسهام فيه لقلة اليد، أو لمرضه وعجزه، ولكن الله هو الذي يطلع على خبايا النفوس المحيط بما تخيه الصدور ليرفعه بنيته الصالحة إلى مراتب الصالحين العاملين الأخيار، وهذا ما قال: جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم المرض)

▪️صلاح النية وإخلاص القلب لله تعالى يرتفعان بمنزلة العمل الدنيوي البحت فيجعلانه عبادة عظيمة مأجوراً عليها، وإن فساد النية لا شك يهبط بالطاعات الحضيض فيصيرها بقدرة الله لمعاصي باطلة، وإثماً كبيراً، لا يجني العبد منها إلا الرهق والخسران المبين، فقد علمنا الإسلام منذ بزوغ فجره أن النية ليست مجرد إستهلال للعمل، بل مسار يعيد تشكيل الروح ويمنح الفعل قيمته الحقيقية فى ميزان الشرع، إذ لا يقبل العمل إلا بنية خالصة وموافقةٍ للحق، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) ولم يكن هذا الحديث توجيهًا عابراً، بل قاعدة كبرى قلبت موازين التمحيص والتقييم، فجعلت النية بوصلةً لا تغيب، ولو تاهت الخُطى؛ ولذلك أولاها الشرع منزلة عالية، فجعلها شرطاً وجوب لصحة بعض العبادات، ومن هنا، نحتاج في هذا الوقت إلى تجديد فقه النية كوعي جامع ومنهج للحياة يتسلل إلى تفاصيلها.

▪️النية في مجملها ليست رفاهية روحية كما يعتقد البعض، بل هى الوعى الذى يمنح العمل طهره وقيمته، ويجعل من الاعتيادى فعلًا ذا أثر، ويضفى على المألوف أفقاً ترجو القرب والقبول. وفي هذا المنحنى قد أدرك الصحابة هذا المعنى العميق بدقة، كما قال الصحابي معاذ بن جبل رضى الله عنه يقول: (إنى لأحتسب نومتى كما أحتسب قومتي) أى أنه رأى فى نومه عبادة إذا قصد به التقوى على الطاعة، مدركاً أن الغاية لا تنفصل عن الوسيلة، وأن التعبد قد يسكن فى الراحة إذا قصد بها التقوى على العبادة.

▪️عندما ولي عمر بن عبد العزيز، الخليفة الزاهد العادل، أمر الأمة يستهل خلافته بدعاء تقشعر له القلوب: (اللهم إن لم تكن لى نية فى نصرة الحق، فلا تجعل لى قيامًا على رقاب الناس) كلمة تختصر بها معانى القيادة النزيهة حين تسكنها نية صادقة.
مما لا شك فيه إننا نحتاج لأن نعيد للنية مكانتها فى العمل والسلوك، وفى كآفة أطر العلاقات والعبادة، وأن نسترد فقه القصد من الكتب إلى الواقع، ومن التعريفات النظرية إلى الممارسات العملية. لأننا لن نغير صور الحياة ما لم نغير دوافعها المرجوة فالنية تمنح الحياة اتساقها الأخلاقى وعمقها الإنساني.. فإذا صدقت تلك الشرارة الخفية فى القلب، صدقها الله، وجعل منها مفتاحاً للمعنى، ومحرّكاً هادئًا لحياةٍ تمتلئ بالصدق والنور.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات