الأحد, يونيو 22, 2025
الرئيسيةمقالاتعمق المشهد... ...

عمق المشهد… العودة إلى الوطن… بوصلة الأمل تعود إلى الخرطوم. بقلم: عصام حسن علي

في لحظة طال انتظارها، وتحت راية الوطن، بدأت قوافل العودة الطوعية للمواطنين السودانيين من العاصمة المصرية القاهرة إلى الخرطوم، في مبادرة إنسانية كريمة تنظمها منظومة الصناعات الدفاعية، استجابةً لرغبات آلاف المواطنين الذين أجبرتهم الحرب التي أشعلتها مليشيا الجنجويد على النزوح والشتات لأكثر من عامين.

هذه المبادرة التي تحمل في جوهرها رسائل عميقة، لم تكن مجرد عملية نقل للأفراد، بل كانت استعادة للكرامة، وبعثًا جديدًا للروح الوطنية، وإعادة ترميم للثقة التي حاولت آلة الحرب التمردية تمزيقها.

لقد ظلت الخرطوم، بكل ما تمثله من رمزية للهُوية والسيادة، حلمًا معلقًا في ذاكرة المهجرين، ومشهدًا يراودهم في صحوهم ومنامهم. واليوم، تتحول هذه الأشواق إلى واقع ملموس، بفضل جهود مؤسسية مدروسة، وإرادة وطنية واعية تبذلها منظومة الصناعات الدفاعية، التي أثبتت مرة أخرى أنها أكثر من مجرد مؤسسة إنتاج، بل هي صرح استراتيجي يحمل في جوهره روح الوطن وخدمة شعبه.

بصمات إنسانية في زمن الحرب

رغم التحديات الأمنية واللوجستية، استطاعت المنظومة عبر تنسيق ، أن تنفذ أولى مراحل خطة العودة الطوعية وفق معايير السلامة والكرامة، حيث وفرت وسائل نقل مهيأة، ودعمًا طبيًا وإغاثيًا للمواطنين العائدين، بالإضافة إلى ترتيبات استقبال فاعلة في الداخل السوداني تضمن لهم بداية آمنة ومستقرة.

ولعل الأهم من كل ذلك، أن المبادرة جاءت استجابة مباشرة لرغبة أبناء الوطن، الذين ضاقوا بالغربة، واشتاقت أرواحهم لثرى بلادهم، حيث البيت والمدرسة والذاكرة وكل معاني الانتماء.
وهي رغبة جوبهت من قبل مليشيا الجنجويد بالرصاص والحصار والتهديد لأكثر من عامين، لتأتي هذه المبادرة وتكسر القيود وتفتح النوافذ نحو الوطن من جديد.

رسالة وطنية تتجاوز العودة

المبادرة تحمل في طياتها رسالة واضحة، مفادها أن الدولة ومؤسساتها، رغم ظروف الحرب وتداعياتها، ما زالت قائمة على قدميها، تمارس مسؤولياتها تجاه مواطنيها في الداخل والخارج. كما تؤكد أن المعركة ليست فقط في الميدان، بل أيضًا في استعادة الإنسان السوداني من براثن التهجير والمعاناة، وإعادته إلى دورة الحياة الكريمة.

وهي أيضًا دعوة صريحة لكل من أجبرتهم الحرب على النزوح، بأن العودة إلى الوطن أصبحت ممكنة، وأن صوت الدولة بات أعلى من ضجيج الرصاص، وأن الخرطوم، رغم الجراح، قادرة على احتضان أبنائها مجددًا.

العودة من الغربة الاجبارية إلى الخرطوم خطوة نحو النهوض، ومشهد من مشاهد استرداد السيادة الوطنية على الجغرافيا والوجدان.
وتستحق منظومة الصناعات الدفاعية، بكل كوادرها وإدارتها، التحية على هذا الدور الوطني المشرف، الذي أعاد البسمة إلى وجوه أرهقها التهجير، وردّ الروح إلى وطن أراد له البعض الموت، لكنه أبى إلا أن ينهض من رماده، أكثر قوةً وكرامة.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة

احدث التعليقات