في لحظة وطنية حرجة، حيث تتطلب المرحلة أقصى درجات النزاهة والمسؤولية يسقط قناع “المدنية” الزائفة عن وجه المدعو محمد إدريس خاطر، الذي ظلّ يتقدّم المشهد بلقب ما يُعرف برئيس الإدارة المدنية بولاية شرق دارفور وهو لقب لا يعكس إلا قشرة خاوية تغطي فساداً ضخماً، ونهباً منظماً وتجاوزات تُدار من خلف ستار ثوري مستهلك.
لقد تكشّف المستور، وبان المستورون.
فقد أثبتت الوقائع، بما لا يدع مجالاً للبس، تورط المذكور في اختلاس مبلغ (٧١ مليار جنيه سوداني) من المال العام، في ممارسات لا تمت بأي صلة لا للقانون ولا لقيم الإدارة، ولا حتى لخزعبلات المليشيا التي تتحدث عن مدنية وهي تمارس أبشع صور السرقة والتمكين.
ما يُعرف برئيس الإدارة المدنية بولاية شرق دارفور لم يكن أكثر من واجهة هشة لتمكين شبكة عائلية امتهنت نهب الإيرادات العامة، من البورصة والتجارة والأسواق إلى هيئة مياه الشرب والمحليات. وتحوّل المكتب الذي يُفترض أن يكون رمزاً للعدالة والخدمة إلى بؤرة للابتزاز والتمويل غير القانوني في ظل صمت وتواطؤ مقصودين من دوائر تابعة لما بات يُعرف بـالمحاسبية المليشياوية.
وعندما استُدعي أمام مجلس المليشيا التأسيسي لم يملك سوى الاعتراف وبدلاً من الدفاع عن نفسه بالحجة أو السند القانوني اختار الاحتماء بحجج واهية على رأسها الظروف الأمنية وكأن الدولة تُدار بالمزاج لا بالقانون وكأن الحرب تبرّر النهب والمعاناة تبرّر الترف الشخصي الذي تجلّى في حفلات زواج باذخة وسلوك إداري متعجرف.
إننا أمام جريمة مكتملة الأركان لا تُهدّد المال العام فحسب بل تنسف قيم الدولة وتحتقر إرادة الشعب. وليس كافيًا أن يُسحب من هذا الشخص ما يُعرف بالثقة بل يجب أن يُقدّم إلى محاكمة شفافة تكشف خيوط الشبكة كاملة، وتُنهي زمن الإفلات من العقاب.
ولأهلنا الشرفاء في مدينة الضعين، وفي عموم ولاية شرق دارفور نقول:
لا تنخدعوا بما يُعرف برئيس الإدارة المدنية فهو لا يمثل إرادتكم ولا يحمي مصالحكم بل يستنزف مقدراتكم. حان الوقت لرفض هذا العبث وللخروج في انتفاضة سلمية تُعيد السلطة إلى أصحابها الحقيقيين، وتُنقذ الولاية من براثن المافيا المقنّعة.
ما جرى ليس استثناءً بل كاشف لحقيقة منظومة مريضة تقتات على ضعف الوعي وتخدع الناس بشعارات فارغة بينما تنهب حاضرهم ومستقبلهم.
والتاريخ لا يرحم.
والشعوب لا تُهزم إذا قررت أن تنتصر.