يا رجلاً
تسكنني كما يسكن الضوءُ عيونَ العشاق،
وتنبضُ في دمي كما تنبضُ الأغنية في وترٍ نائم،
كأنك الحلمُ حين يستفيق… ولا يرحل.
أراك في الجهات الأربع،
في زفرة الريح،
في رعشة الشباك حين يشتاق للمطر،
في أول فنجان قهوة،
وفي آخر رعشة مساءٍ يفتقد حضنك.
أنت…
أقرب إليّ من ظلي،
وأبعد من كل أحلامي حين أناديك ولا تجيب.
كأنك الدعاء الذي ضاع في زحمة السماء،
أو الرجاء الذي انكسر في عيون الصابرين.
حين تنظر إليّ،
أشعر أن الكون يضيق عليّ إلاك،
وأن الشوق يمدُّ لي يديه،
ويقول: هذا الذي جعلني أبكي.
أيا من تمشي في القلب كأنك صلاة،
تُطهّرني من وجعي،
وتملأني طمأنينة لا يشبهها سوى صوتك.
كيف لي أن أشرح لك…
أنني كلما حاولت نسيانك،
أضعتُ طريقي إلى نفسي؟
أنني كلما أنهيتُ رسائلي إليك،
بدأتُ من جديد؟
أنت…
الذي يسكن اسمه في شفتي كأغنيةٍ ممنوعة،
كلما لفظتها، خشيت أن يسمعها الغياب.
أنت الحضور الذي يؤلم،
والغائب الذي لا يُنسى.
أحبك…
بوجع الأرض حين يغادرها المطر،
بصمت القمر حين يخجل من ضوئك،
أحبك كما تحب النوافذُ الضوء،
وكما يحب المساءُ صوت العائدين.
فابقَ كما أنت…
مجهولًا كقصيدةٍ لا تُقرأ دفعة واحدة،
غامضًا كنبضٍ لا يبوح،
وعميقًا كبحرٍ لا يعرف الضفاف.